حماد بن سلمة عن قتادة عن خلاس أن عليا قال في رجل طلق امرأته قبل الدخول بها:
" فله أن يتزوج أمها، وإن تزوج أمها ثم طلقها قبل الدخول يتزوج بنتها تجريان مجرى واحدا "، وأهل النقل يضعفون حديث خلاس عن علي، ويروى عن جابر بن عبد الله مثل ذلك، وهو قول مجاهد وابن الزبير. وعن ابن عباس روايتان: إحداهما ما يرويه ابن جريج عن أبي بكر بن حفص عن عمرو بن مسلم بن عويمر بن الأجدع عنه: أن أم المرأة لا تحرم إلا بالدخول، والأخرى ما يرويه عكرمة عنه: أنها تحرم بنفس العقد. وقال عمر وعبد الله بن مسعود وعمران بن حصين ومسروق وعطاء والحسن وعكرمة: " تحرم بالعقد دخل بها أو لم يدخل ".
مطلب: أفتى ابن مسعود بحل التزوج بأم المرأة قبل الدخول بها ثم رجع عن ذلك وروى أبو أسامة عن سفيان عن أبي فروة عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود أنه أفتى في امرأة تزوجها رجل فطلقها قبل أن يدخل بها أو ماتت قال: " لا بأس أن يتزوج أمها "، فلما أتى المدينة رجع فأفتاهم فنهاهم وقد ولدت أولادا. وروى إبراهيم عن شريح أن ابن مسعود كان يقول بقول علي ويفتي به، يعني في أمهات النساء، فحج فلقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذاكرهم ذلك فكرهوا أن يتزوجها، فلما رجع ابن مسعود نهى من كان أفتاه بذلك، وكانوا أحياء من بني فزارة أفتاهم بذلك وقال: " إني سألت أصحابي فكرهوا ذلك ".
وروى قتادة عن سعيد بن المسيب أن زيد بن ثابت قال في رجل طلق امرأته قبل الدخول فأراد أن يتزوج أمها، قال: " إن طلقها قبل الدخول يتزوج أمها، وإن ماتت لم يتزوج أمها "، وأصحاب الحديث يضعفون حديث قتادة هذا عن سعيد بن المسيب عن زيد، ويقولون: إن أكثر ما يرويه قتادة عن سعيد بن المسيب بينه وبينه رجال، وإن رواياته عن سعيد مخالفة لروايات أكثر أصحاب سعيد الثقات، وقال عبد الرحمن بن مهدي: عن مالك عن سعيد بن المسيب: أحب إلى من قتادة عن سعيد. وقد روى يحيى بن سعيد الأنصاري عن زيد بن ثابت خلاف رواية قتادة. ويقال إن حديث يحيى وإن كان مرسلا فهو أقوى من حديث قتادة عن سعيد. قال أبو بكر: وهذا الذي ذكرناه طريقة أصحاب الحديث، والفقهاء لا يعتبرون ذلك في قبول الأخبار وردها، وإنما ذكرنا ذلك ليعرف به مذهب القوم فيه دون اعتباره والعمل عليه، ويشبه أن يكون زيد بن ثابت إنما فرق بين الموت والطلاق في التحريم لأن الطلاق قبل الدخول لا يتعلق به شئ من أحكام الدخول، ألا ترى أنه يجب فيه نصف المهر ولا تجب عليها العدة؟ وأما الموت