تعالى: (الجمع بينهما، وغير جائز تخيير الزوج في أن يختار أيتهما شاء من قبل أن العقدة وقعت فاسدة مثل النكاح في العدة أو هي تحت زوج، فلا يصح أبدا. ومن الجمع أن يتزوج إحداهما ثم يتزوج الأخرى بعدها، فلا يصح نكاح الثانية، لأن الجمع بها حصل وعقدها وقع منهيا عنه وعقد الأولى وقع مباحا، فيفرق بينه وبين الثانية. ومن الجمع أيضا أن يجمع بين وطئهما بملك اليمين.
مطلب: سئل علي عن وطء الأختين بملك اليمين فقال أحلتهما آية وحرمتهما آية إلى آخره وروى عن عثمان وابن عباس أنهما أباحا ذلك وقالا: " أحلتهما آية وحرمتهما آية "، وقال عمر وعلي وابن مسعود والزبير وابن عمر وعمار وزيد بن ثابت: " لا يجوز الجمع بينهما بملك اليمين "، وقال الشعبي: سئل علي عن ذلك فقال: " أحلتهما آية وحرمتهما آية "، فإذا أحلتهما آية وحرمتها آية فالحرام أولى. وروى عبد الرحمن المقري قال:
حدثنا موسى بن أيوب الغافقي قال: حدثني عمي إياس بن عامر قال: سألت علي بن أبي طالب عن الأختين بملك اليمين وقد وطء إحداهما هل يطأ الأخرى؟ فقال: " أعتق الموطوءة حتى يطأ الأخرى " وقال: " ما حرم الله من الحرائر شيئا إلا حرم من الإماء مثله إلا عدد الأربع "، وروي عن عمار مثل ذلك. قال أبو بكر: أحلتهما آية، يعنون به قوله تعالى: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم)، وقوله: " حرمتهما آية " قوله تعالى: (وأن تجمعوا بين الأختين)، فروى عن عثمان الإباحة، وروي عنه أنه ذكر التحريم والتحليل وقال: " لا آمر به ولا أنهى عنه "، وهذا القول منه يدل على أنه كان ناظرا فيه غير قاطع بالتحليل والتحريم فيه، فجائز أن يكون قال فيه بالإباحة ثم وقف فيه، وقطع علي فيه بالتحريم، وهذا يدل على أنه كان من مذهبه أن الحضر والإباحة إذا اجتمعا فالحضر أولى إذا تساوى سبباهما، وكذلك يجب أن يكون حكمهما في الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومذهب أصحابنا يدل على أن ذلك قولهم، وقد بيناه في أصول الفقه. وقد روى إياس بن عامر أنه قال لعلي: إنهم يقولون إنك تقول أحلتهما آية وحرمتهما آية؟ فقال: " كذبوا ". وهذا يحتمل أن يريد به نفي المساواة في مقتضى الآيتين وإبطال مذهب من يقول بالوقف فيه على ما روى عن عثمان، لأنه قال في رواية الشعبي:
" أحلتهما آية وحرمتهما آية " والتحريم أولى، وإنكاره أن يكون أحلتهما آية وحرمتهما آية إنما هو على جهة أن آيتي التحليل والتحريم غير متساويتين في مقتضاهما، وأن التحريم أولى من التحليل. ومن جهة أخرى أن إطلاق القول بأنه أحلتهما آية وحرمتهما آية من غير تقييد هو قول منكر، لاقتضاء حقيقته أن يكون شئ واحد مباحا محظورا في حال