أم المرأة وابنتها إذا دخل بالأم وأن كل واحدة منهما محرمة عليه تحريما مؤبدا إذا وطئ الأخرى، وكذلك لا خلاف أنه لا يجوز له الجمع بين أم وبنت بملك اليمين، وروي ذلك عن عمر وابن عباس وابن عمر وعائشة، ولا خلاف أيضا أن الوطء بملك اليمين يحرم ما يحرمه الوطء بالنكاح فيما يتعلق به تحريم مؤبد.
قوله تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم)، قال عطاء بن أبي رباح:
نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم حين تزوج امرأة زيد، ونزلت: (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) [الأحزاب: 4] و (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) [الأحزاب: 40]، قال: وكان يقال له زيد بن محمد.
مطلب: الحليلة اسم يختص بالزوجة دون المملوكة بملك اليمين قال أبو بكر: حليلة الابن هي زوجته، ويقال إنما سميت حليلة لأنها تحل معه في فراش، وقيل: لأنه يحل له منها الجماع بعقد النكاح، والأمة إن استباح فرجها بالملك لا تسمى حليلة ولا تحرم على الأب ما لم يطأها، وعقد نكاح الابن عليها يحرمها على أبيه تحريما مؤبدا، وهذا يدل على أن الحليلة اسم يختص بالزوجة دون ملك اليمين. ولما علق حكم التحريم بالتسمية دون ذكر الوطء اقتضى ذلك تحريمهن بالعقد دون شرط الوطء، لأنا لو شرطنا الوطء لكان فيه زيادة في النص، ومثلها يوجب النسخ لأنها تبيح ما حظرته الآية، وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين.
قال أبو بكر: وقوله تعالى: (الذين من أصلابكم) قد تناول عند الجميع تحريم حليلة ولد الولد على الجد، وهذا يدل على أن ولد الولد يطلق عليه أنه من صلب الجد، لأن إطلاق الآية قد اقتضاها عند الجميع، وفيه دلالة على أن ولد الولد منسوب إلى الجد بالولادة. وهذه الآية في تخصيصها حليلة الابن من الصلب في معنى قوله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهم وطرا) [الأحزاب: 37] لما تضمنه من إباحة تزويج حليلة الابن من جهة التبني. وقوله: (في أزواج أدعيائهم) يدل على أن حليلة الابن هي زوجته، لأنه عبر في هذا الموضوع عنهن باسم الأزواج وفي الآية الأولى بذكر الحلائل.
قوله تعالى: (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف)، قال أبو بكر: قد اقتضى ذلك تحريم الجمع بين الأختين في سائر الوجوه لعموم اللفظ، والجمع على وجوه: منها أن يعقد عليهما جميعا معا فلا يصح نكاح واحدة منهما لأنه جامع بينهما، وليست إحداهما بأولى بجواز نكاحها من الأخرى، ولا يجوز تصحيح نكاحهما مع تحريم الله