أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ١٥٥
زنا، لأن المجوس وسائر المشركين المولودين على مناكحاتهم التي هي فاسدة في الاسلام لا يسمون أولاد زنا، والزنا اسم لوطء في غير ملك، ولا نكاح ولا شبهة عن واحد منهما، فأما إذا صدر عن عقد فإن ذلك لا يسمى زنا سواء كان العقد فاسدا أو صحيحا.
وقوله تعالى: (ومقتا وساء سبيلا) يعني أنه مما يبغضه الله تعالى ويبغضه المسلمون، وذلك تأكيد لتحريمه وتقبيحه وتهجين فاعله. وبين أنه طريق سوء لأنه يؤدي إلى جهنم.
قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) إلى آخر الآية. حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا محمد بن الفضل بن سلمة قال: حدثنا سنيد بن داود قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا علي بن صالح عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال:
قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم) إلى قوله تعالى: (وبنات الأخت) قال: حرم الله هذه السبع من النسب ومن الصهر سبع، ثم قال: كتاب الله عليكم (وأحل لكم ما وراء ذلكم) ما وراء هذا النسب، ثم قال: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) إلى قوله تعالى: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) يعني السبي. قال أبو بكر: قوله: (حرمت عليكم) عموم في جميع ما يتناوله الاسم حقيقة، ولا خلاف أن الجدات وإن بعدن محرمات، واكتفى بذكر الأمهات لأن اسم الأمهات يشملهن كما أن اسم الآباء يتناول الأجداد وإن بعدوا، وقد عقل من قوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) تحريم ما نكح الأجداد، وإن كان للجد اسم خاص لا يشاركه فيه الأب الأدنى فإن الاسم العام وهو الأبوة ينتظمهم جميعا، وكذلك قوله تعالى:
(وبناتكم) قد يتناول بنات الأولاد وإن سفلن، لأن الاسم يتناولهن كما يتناول اسم الآباء الأجداد، وقوله تعالى: (وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت)، فأفرد بنات الأخ وبنات الأخت بالذكر لأن اسم الأخ والأخت لا يتناولهن كما يتناول اسم البنات بنات الأولاد، فهؤلاء السبع المحرمات بنص التنزيل من جهة النسب. ثم قال:
(وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف)، وقال قبل ذلك: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء)، فهؤلاء السبع المحرمات من جهة الصهر. وقد عقل من قوله تعالى: (وبنات الأخ وبنات الأخت) من سفل منهن كما عقل من قوله تعالى: (أمهاتكم) من علا منهن، ومن قوله تعالى: (وبناتكم) من سفل
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»