هذا، فقل: يا رب حدثني بهذا سفيان الثوري. ثم خل بيني وبين الله عز وجل " (1).
فيظهر من هذا الكتاب أن الثوري كان يعتقد كسائر أئمة أهل السنة، وكان يقدم الشيخين. أما عثمان وعلي رضي الله عنهما، فلعله كان يسكت عن تقديم أحدهما على الآخر، ويحب كليهما. لأنه كان يقول: " لا يستقيم حب علي وعثمان، رضي الله عنهما، إلا في قلب نبلاء الرجال، وإن الخلفاء الراشدين خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز، رضي الله عنهم. ومن اعتقد خلاف هذا، فهو متجاوز عن الحد " (2).
وعده الشهرستاني في الصفاتية الذين لم يتعرضوا للتأويل في الصفات ولا تهدفوا للتشبيه (2).
وكان يبغض المرجئة الذين يقولون إن الايمان تصديق فقط، ولذا لا يزيد ولا ينقص. حتى إنه سئل مرة أن يصلي على مرجئ قد مات، فأبى (4).
وروى القفطي أنه لقي مرة ما شاء الله اليهودي المنجم، فقال له: " ما شاء الله! أنت تخاف الزحل وترجو المشترى. وأنا أخاف ربهما " (5).
زهد الثوري وورعه:
وكان رحمه الله من أزهد الناس وأورعهم في زمانه. وكان يتقي الله حق تقاته، ويحاسب نفسه كالذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
قال يحيى بن بمان: " ما رأينا مثل سفيان الثوري، ولا رأى سفيان مثله.
أقبلت الدنيا عليه، فصرف وجهه عنها " (6).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: " ما عاشرت في الناس رجلا أرق من سفيان الثوري. وكنت أرمقه في الليلة بعد الليلة ينهض مذعورا ينادى: " النار!
النار!