تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣
مقدمة تفسير آلاء الرحمن للإمام المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي قدس سره (باسمه تعالى) وله الحمد وهو المستعان والصلاة والسلام على خيرته من خلقه محمد صلى الله عليه وآله سيد المرسلين وآله الطاهرين المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين " وبعد " نفى فجر سعادة البشر وتبلج صبح الهدى ورسالته، أشرق نور القرآن الكريم على العالم من أفق الوحي على الرسول الأمين الصادع بأمر ربه. فكان باعجاز الباهر حجة على وحيه وبفضائله الفائقة دليلا على فضله، وبسناه الوضاح ماديا إلى اتباعه. يعرفك في كل باب من أبواب معارفه السامية أنه تنزيل من رب العالمين. ولكن اختلاط اللسان واختلاف الزمان وتشعب الأهواء وتضارب الآراء إثارة من دون أنواره غبارا وجعلت على البصائر من الجهل غشاوة وقد أوجب الله على عباده أن ينصروا الحقيقة بالبيان ويجلوا غبار المشكوك بالحجة ويميطوا غشاوة الجهل بيد العلم الشافي. وقد نهض جماعة لتفسيره والارشاد إلى منهج فهمه.
فآثرت وأنا الأقل محمد جواد البلاغي أن أتطفل في هذا الشأن وأتقحم في هذا الميدان جاريا على ما تقتضيه أصول العلم متنكبا مالا حجة فيه من نقل الأقوال متحريا للاختصار مهما أمكن مستعينا بالله ومستمدا من فضله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. وقد سمعت الكتاب آلاء الرحمن في تفسير القرآن وجعلت للمقصود مقدمة فيها فصول وخاتمة.
" الفصل الأول في إعجازه " المعجز هو الذي يأتي به مدعى النبوة بعناية الله الخاصة خارقا للعادة وخارجا عن حدود القدرة البشرية وقوانين العلم والتعلم ليكون بذلك دليلا على صدق النبي (ص) وحجته في دعواه البنوة ودعوته.
" وجه شهادة المعجز " ودلالته على صدق النبي في دعواه ودعوته ليس إلا أن مدعى النبوة إذا كان ظاهر الصلاح موصوفا بالأمانة معروفا بصدق اللهجة والاستقامة لا يخالف العقل في دعوته وأساسياتها لم يجز عقلا إظهار المعجز على يده إلا إذا كان صادقا في دعوى البنوة ودعوتها ألا ترى أنه لو كان مع صفاته المذكورة كاذبا في دعواه لكان إظهار المعجزة على يده وتخصيص الله له بالعناية إغراء للناس بالجهل وتوريطا لهم في متاهات الضلال وهذا قبيح ممتنع على جلال الله وقدسه.
" توضيح ذلك " هو أن الناس بحسب فطرتهم التي لا تدنسها رذائل الأهواء والعصبية إذا ظهر لهم صلاح الشخص وصدقه وأمانته واستقامته فيما يعرفونه من أحواله وأطواره توسموا بباطنه الخير وأن باطنه موافق لظاهره في الصلاح. وكلما زادت خيرتهم بصلاح ظاهره زاد وثوقهم بصلاح باطنه. إلا أنه مهما يكن من ذلك فإنه لا يبلغ بهم مرتبة العلم وثبات الاطمئنان بعصمته عن الكذب في دعواه وتبليغات دعوته فلا ينتظم تصديقهم له ولا يدوم انقيادهم إلى تبليغاته في دعوته. بل لا يزال اختلاج الشكوك يميل بهم يمينا وشمالا، لكن إذ خصته العناية الإلهية بكرامة المعجز وخارق العادة حصل العلم الثابت واطمأنت النفوس السليمة بصدقه وعصمته في دعواه وما يأتي به في دعوته. ويثبت اليقين
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... تقديم 5 تقديم 6 تقديم 7 1 2 3 4 5 6 7 8 ... » »»