المروية عن السلف والمعروفة عند علماء القراءات.
فلا يكاد يرد أمامه لفظ من ألفاظ القرآن الكريم حتى يذكره في هامش التفسير مع ما لهم من وجوه القراءات عند علماء التجويد.
ومن ذلك استطاع (المفسر رحمه الله) أن يجمع في تفسيره بين قراءة الإمام حفص وقراءات غيره من القراء.
ومبلغ علمي أن (المفسر رحمه الله) بلغ في هذا المنهج مبلغا لم يدركه فيه العلامة النسفي - على الرغم من أنه من المفسرين الذين عنوا بإبراز وجوه القراءات والمتخصصين في هذا العلم من التفسير.
وفى ديباجة مقدمة (هذا التفسير) أشار المؤلف إلى كرامة بيت النبوة وأصالة معدنهم في المعارف الأخروية والدنيوية، وأنه استقى من نورهم جواهر تفسيره.
وحين نتصفح هذا التفسير نلحظ بعين الفاحص المدقق أن - المفسر رحمه الله) وفى بما وعد، وأسند جواهر تفسيره وجيد آرائه إلى معينه الأصلي من علوم الأئمة الاثني عشر.
ولا سيما الامام الأولى - علي بن أبي طالب رضي الله عنه والامام الخامس - أبى عبد الله جعفر الصادق - صاحب المذهب الجعفري وحامل لواء فقه آل البيت عليهم السلام.
والعالم بهذا الفن يدرك لأول وهلة دقة (المفسر) وإمساكه بخطام هذه الصناعة وجمعه لأدوات المفسر.
وتوازن ذلك بما جاء في (تفسير الجلالين) تقف بنفسك على قدرات (المفسر) ولا سيما في الأصول اللغوية حين يرد لفظ الجلالة الله إلى أصله اللغوي وحين يفرق - في حصافة منقطعة النظير - بين معنى اسمه تعالى الرحمن واسمه تعالى الرحيم.
وحين لا يكتفى بالفروق اللغوية فيزيدك إيضاحا بما حفظه من نصوص وأدعية مرفوعة إلى أهل البيت النبوي.
وهو في ذلك كله سهل الجانب معتدل العبارة يسوقها في حماس العالم، وليس في ثورة المتعصب.
كما لا ينسى وهو يفسر أن يشرح الآية بآيات أخرى، وأن يذكر سبب النزول كلما دعا الامر إلى ذلك وكان عونا له على توضيح المعنى المطلوب من الآية وهكذا نلحظ هذا الصنيع في سائر عبارات هذا التفسير الجليل.
وقد اعتدنا نحن معاشر المؤلفين أن نعرف عن الناشرين - من حيث عملهم الأساسي في صناعة النشر الدقة في إخراج الكتب التي ينشرونها في صورة أنيفة تليق بحلال التأليف وشخصية المؤلف.
ولكنني لاحظت في هذا التفسير أن السيد مرتضى الرضوي الكشميري لم يكتف بواجبه كناشر، كما لم يكتف بإبراز (هذا التفسير) في الصورة اللائقة به فحسب وإنما تحظى ذلك ووقف من هذا (السفر الجليل) موقف الناشر العالم العارف بقيمة ما ينشره، وهو الموقف الذي يؤهله مستقبلا ليكون قدوة لغيره من الناشر بن المعنيين بالمكتبة العربية في العالم العربي كله فقد أضاف - مشكورا - إلى هذه الطبعة، وهى الطبعة الثانية، إضافات لم تكن موجودة في الطبعة الأولى، بما زاد من رونق هذا التفسير الجليل وقيمته.
وأولى هذه الفضائل الفنية والأيادي البيضاء التي أسداها إلى (هذا التفسير) نشره له مصحوبا بالرسم القرآني للمصحف بوضع الصحفة القرآنية في صدر كل صفحة منه مزينة بالتفسير، مما يمكن الباحث والقاري من العثور على ما يرجوه من التفسير وموضع كل آية ورقمها من السورة المفسرة، فجمع بذلك للقاري بين المصحف والتفسير في صفحة واحدة.
كما ذيل التفسير: بمعجم مفهرس لجميع ألفاظ القران الكريم - يعد هذا المعجم غاية في الدقة وحسن التقسيم والتبويب، وهذه مزية لم تكن موجودة في الطبعة الأولى، ولا في طبعات غيره من التفاسير القديمة والحديثة.
وهناك حسنة ثالثة - أربت على ذلك كله -