تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٤٨٣
من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون * (11) * يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم * (12) * يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير * (13) * قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم * (14) * إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون * (15) * قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شئ عليم * (16) * يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان
____________________
(من قوم) خص بالرجال لأنهم قوامون على النساء (عسى أن يكونوا خيرا منهم) عند الله (ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم) أي لا يعيب بعضكم بعضا لأنكم كنفس واحدة (ولا تنابزوا بالألقاب) لا يدعوا بعضكم بعضا بلقب يكرهه (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) أي بئس الذكر أن يذكر الرجل بالفسوق كاليهودية بعد إيمانه أو المعنى أن التنابز فسق يقبح الجمع بينه وبين الإيمان (ومن لم يتب) عما نهى عنه (فأولئك هم الظالمون) بإصرارهم على المعاصي (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن) قيد بالكثير لأن منه ما يحسن كحسن الظن بالله وبأهل الصلاح (إن بعض الظن إثم) يستحق به العقوبة (ولا تجسسوا) تتبعوا عورات المؤمنين بالبحث عنها (ولا يغتب بعضكم بعضا) سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الغيبة فقال أن تذكر أخاك بما يكرهه فإن كان فيه فقد اغتبته وإلا فقد بهته (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا (1)) تمثيل الاغتياب بأفضح مثال وفيه مبالغات تقرير الاستفهام ومحبة المكروه وإشعارا حد بأن لا أحد يحبه والتمثيل بأكل لحم الإنسان وكونه أخا وميتا (فكرهتموه) أي عرض عليكم ذلك فكرهتموه بحكم العقل والطبع فاكرهوا ما هو نظيره (واتقوا الله) بترك الغيبة (إن الله تواب رحيم يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) آدم وحواء فنسب الكل واحد وجعلناكم شعوبا) جمع شعب وهو أعم طبقات النسب (وقبائل) هي دون الشعوب ودونها العمائر ثم البطون ثم الأفخاذ ثم الفصائل وقيل الشعوب للعجم والقبائل للعرب (لتعارفوا) ليعرف بعضكم بعضا بالأنساب لا لتفاخروا بها (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فلا تتفاضلون إلا بالتقوى (إن الله عليم) بكم (خبير) بأحوالكم (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا) إيمانا حقيقيا يتواطأ فيه القلب واللسان (ولكن قولوا أسلمنا) انقدنا ودخلنا في السلم بإظهار الشهادتين (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله) بالإخلاص (لا يلتكم من أعمالكم) لا ينقصكم من ثوابها (شيئا إن الله غفور رحيم) لمن أخلص له (إنما المؤمنون) على الحقيقة (الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) لم يشكوا فيما آمنوا به (وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) في ادعاء الإيمان (قل) توبيخا لهم (أتعلمون الله بدينكم) في قولكم آمنا (والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شئ عليم) ومنه إيمانكم (يمنون عليك أن أسلموا) أي بإسلامهم إذ قالوا أسلمنا من غير قتال (قل لا تمنوا علي إسلامكم) نصب بنزع الباء (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) الذي ادعيتموه...

(1) ميتا: بتشديد الياء بالكسر.
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»