تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣٥٦
وإنا لجميع حذرون * (56) * فأخرجناهم من جنات وعيون * (57) * وكنوز ومقام كريم * (58) * كذلك وأورثناها بني إسرائيل * (59) * فأتبعوهم مشرقين * (60) * فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * (61) * قال * (كلا إن معي ربي سيهدين * (62) * فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * (63) * وأزلفنا ثم الآخرين * (64) * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * (65) * ثم أغرقنا الآخرين * (66) * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * (67) * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * (68) * واتل عليهم نبأ إبراهيم * (69) * إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون * (70) * قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين * (71) * قال هل يسمعونكم إذ تدعون * (72) * أو ينفعونكم أو يضرون * (73) * قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون * (74) * قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * (75) * أنتم وآباؤكم الأقدمون * (76) * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين * (77) * الذي خلقني فهو يهدين * (78) * والذي هو يطعمني ويسقين * (79) * وإذا مرضت فهو يشفين * (80) * والذي يميتني ثم يحيين * (81) * والذي أطمع أن يغفر لي خطيتي يوم الدين * (82) *
____________________
وإنا لجميع حاذرون (1)) من عادتنا الحذر والتيقظ (فأخرجناهم) به (من جنات) بساتين (وعيون (2)) جارية فيها (وكنوز) أموال من ذهب وفضة (ومقام كريم) منازل حسنة ومجالس بهية (كذلك) مصدر أي أخرجناهم مثل ذلك الإخراج أو صفة مقام أي مثل ذلك المقام الذي كان لهم أو خبر محذوف أي الأمر كذلك (وأورثناها بني إسرائيل) بعد إغراق فرعون وقومه (فأتبعوهم مشرقين) داخلين في وقت شروق الشمس (فلما تراءا الجمعان) حصل كل منهما بمرأى للا ~ خر (قال أصحاب موسى إنا لمدركون) لملحقون (قال كلا) لن يدركونا (إن معي ربي) بصره وحفظه (سيهدين (3)) سبيل النجاة كما وعدني (فأوحينا إلى موسى أن) بأن أو أي (اضرب بعصاك البحر) القلزم أو إساف فضربه (فانفلق) انشق فرقا بينها اثني عشر مسلكا (فكان كل فرق كالطود العظيم) كالجبل الشامخ الراسي فسلك كل سبط مسلكا (وأزلفنا ثم) وقربنا هناك (الآخرين) فرعون وقومه حتى سلكوا مسلكهم (وأنجينا موسى ومن معه أجمعين) بإمساك البحر أن ينطبق حتى عبروا (ثم أغرقنا الآخرين) بإطباقه عليهم (إن في ذلك) المقصوص (لآية) عجيبة لمن تدبر (وما كان أكثرهم مؤمنين) بعد الإنجاء فعبدوا العجل وطلبوا رؤية الله (وإن ربك لهو العزيز) المنتقم من أعدائه (الرحيم) بأوليائه (واتل عليهم) على قومك (نبأ إبراهيم) خبره (إذ قال لأبيه) أي عمه آزر (وقومه ما تعبدون) سألهم للإلزام (قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين) عليه (قال هل يسمعونكم) يسمعون دعاءكم (إذ تدعون) وهو حكاية حال ماضية ليستحضروها لأن إذ للمضي (أو ينفعونكم) إذا عبدتموهم (أو يضرون) إن لم تعبدوهم (قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) أضربوا عن جواب سؤاله وتمسكوا بالتقليد (قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون) فإن الباطل لا ينقلب حقا لتقدمه (فإنهم عدو لي) أي أعداء لكم لتضرركم بعبادتهم أو لطاعتكم الشيطان بها (إلا رب العالمين) منقطع أي فإنه وليي أو متصل على تعميم المعبودين وإن في آبائهم من عبد الله (الذي خلقني فهو يهدين (4)) لمصالح الدارين تدريجا مستمرا إلى أن ينعمني في جنته (والذي هو يطعمني ويسقين (5)) لا غيره إذ خلق الغذاء وما يتوقف عليه الاغتذاء به (وإذا مرضت فهو يشفين (6)) لم يقل أمرضني لحدوث المرض غالبا بإسراف الإنسان في مطعمه ومشربه وغيرهما وبتنافر طبائع الأخلاط ما لم يحفظها الله على نسبة مخصوصة بقدرته لتحصل الصحة ولأنه في مقام تعديد النعم ونسب الإماتة إليه في (والذي يميتني) لأن الموت لا يحس به فلا ضرر إلا في مقدماته وهي المرض ولأنه وصلة إلى الحياة الباقية (ثم يحيين (7)) في الآخرة (والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) قاله تواضعا لله وهضما لنفسه إذ لا خطيئة له.

(1) حذرون.
(2) عيون: بكسر العين.
(3) سيهديني.
(5) يسقيني: بضم أوله.
(6) يشفيني.
(7) يحييني.
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»