تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣٢٣
حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد * (2) * ومن الناس من يجدل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد * (3) * كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير * (4) * يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج * (5) * ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شئ قدير * (6) * وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور * (7) * ومن الناس من يجدل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتب منير * (8) * ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق * (9) * ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلم للعبيد * (10) * ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه
____________________
حملها) جنينها (وترى الناس سكارى (1)) من شدة الفزع وأفرد بعد جمعه لأن الزلزلة يراها الكل والسكر إنما يراه كل واحد من غيره (وما هم بسكارى (2)) من الشراب (ولكن عذاب الله شديد) فأفزعهم بحيث أزال عقولهم (ومن الناس من يجادل في الله) في شأنه ويعم كل مجادل وإن نزل في النضر بن الحارث وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين وينكر البعث (بغير علم) برهان (ويتبع كل شيطان مريد) متجرد للفساد (كتب عليه) على الشيطان في علم الله (أنه) أي الشأن (من تولاه) تبعه (فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) بدعائه إلى ما يوجبه (يا أيها الناس إن كنتم في ريب) في شك (من البعث فإنا خلقناكم) أي فنظركم في بدء خلقكم يزيل ريبكم فإنا خلقنا أصلكم آدم أو ما يتكون منه المني (من تراب ثم) خلقنا نسله (من نطفة) مني (ثم من علقة) دم جامد (ثم من مضغة) لحمة قدر ما يمضغ (مخلقة وغير مخلقة) تامة الخلق وغير تامة الخلق أو مصورة (لنبين لكم) بالتخطيط وغير مصورة بتقليبكم قدرتنا فإن من قدر عليه أولا قدر على إعادتكم ثانيا (ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى) هو وقت وضعه (ثم نخرجكم طفلا) حال ووحد إرادة للجنس أو كل واحد منكم (ثم) نربيكم شيئا فشيئا (لتبلغوا أشدكم) كمال قوتكم جمع شدة كأنعم لنعمة وهو من ثلاثين سنة إلى أربعين أو الحلم (ومنكم من يتوفى) عند بلوغ الأشد أو قبيله (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) أردأه وهو الهرم والخرف (لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) ليصير كالطفل في النسيان وسوء الفهم (وترى الأرض هامدة) دارسة يابسة من همد الثوب بلى (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت) تحركت بالنبات (وربت (3)) انتفخت (وأنبتت من كل زوج) بعض كل صنف (بهيج) حسن نضر (ذلك) المذكور من أحوال الإنسان والأرض (بأن الله هو الحق) بسبب أنه الثابت المحق للأشياء (وأنه يحيي الموتى) بقدرته (وأنه على كل شئ قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور) هذان سببان غائيان لخلق الإنسان وما يتعيش به فإنه إنما خلق وكلف لجزاء الآخرة ولا يصل إليه إلا ببعثه في الساعة وما سبق من حقيته تعالى وإحياء الموتى وعموم قدرته فأسباب فاعليته لذلك (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم) كرر تأكيدا أو الأول في الأتباع وهذا من المتبوعين (ولا هدى) ولا دلالة عقلية معه (ولا كتاب منير) ذي نور أي ولا حجة سمعية من جهة الوحي (ثاني عطفه) متكبرا أو معرضا عن الحق وثني العطف كناية عن التكبر والإعراض عن الشئ (ليضل) الناس (عن سبيل الله) دينه (له في الدنيا خزي) بوقعة بدر (ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق) النار محرقة (ذلك) أي يقال له يوم القيامة ذلك الخزي والعذاب (بما قدمت يداك) من الكفر عبر بهما لأنها آلة لأكثر الأفعال (وأن الله ليس بظلام للعبيد) فيأخذ بغير جرم والمبالغة لكثرة العبيد (ومن الناس من يعبد الله على حرف) طرف من الدين مضطربا فيه كالقائم على طرف جبل وباقي الآية بيان هذا المجمل (فإن أصابه...

(1) سكرى " بفتح السين ".
(2) بسكرى " بفتح السين وسكون الكاف ".
(3) وربت: بضم الراء وسكون التاء.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»