تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣١٦
من لدنا إن كنا فعلين * (17) * بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون * (18) * وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * (19) * يسبحون الليل والنهار لا يفترون * (20) * أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون * (21) * لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحن الله رب العرش عما يصفون * (22) * لا يسل عما يفعل وهم يسلون * (23) * أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون * (24) * وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون * (25) * وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون * (26) * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * (27) * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون * (28) *، ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين * (29) * أولم يريد الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون * (30) * وجعلنا في الأرض رواسي
____________________
من لدنا) من قدرتنا أو من عندنا أي من الملائكة والحور لا من الإنس (إن كنا فاعلين) ذلك (بل نقذف بالحق على الباطل) الذي من جملته اللهو (فيدمغه) فيعلوه واستعير لذلك القذف وهو الرمي بنحو الحجر والدمغ وهو إصابة الدماغ بالشجة تصويرا لإذهاب الباطل الحق للمبالغة (فإذا هو زاهق) مضمحل (ولكم) أيها الكفرة (الويل) الهلاك (مما تصفون) الله به (وله من في السماوات والأرض) ملكا وخلقا (ومن عنده) أي الملائكة المقربون منه بالشرف لا بالمسافة (لا يستكبرون) يترفعون (عن عبادته ولا يستحسرون) لا يعيون منها (يسبحون الليل والنهار) ينزهونه دائما (لا يفترون) عن التسبيح فهو لهم كالنفس لنا لا يشغلهم عنه شاغل (أم اتخذوا آلهة) كائنة (من الأرض) الحجر أو غيره (هم ينشرون) يحيون الموتى إذ من لوازم الإلهية القدرة على كل ممكن وأورد الضمير المخصص للإنشاء بهم مبالغة في التهكم (لو كان فيهما) أي السماوات والأرض (آلهة إلا الله) غير الله وصف بإلا حين تعذر الاستثناء لعدم دخول ما بعدها فيما قبلها ولإفادته لزوم الفساد لوجود آلهة دونه ومفهومه عدم لزومه لوجودها معه وهو خلاف المراد (لفسدتا) سواء توافقا أم تخالفا أما الثاني فظاهر وأما الأول فلأن تأثير كل منهم فيه يمنع تأثير الآخر فيه مرة أخرى لاستحالته (فسبحان الله رب العرش) الحاوي لأجزاء العالم (عما يصفون) من الشريك والصاحبة والولد (لا يسأل عما يفعل) لأن كل ما يفعله حكمة أو صواب (وهم) أي الآلهة والعباد (يسألون) عن أفعالهم (أم اتخذوا من دونه آلهة) كرر استفظاعا لكفرهم (قل هاتوا برهانكم) على ذلك عقلا ونقلا (هذا ذكر من معي (1)) عظة أمتي وهو القرآن (وذكر من قبلي) من الأمم وهو سائر كتب الله ليس فيها أن مع الله إلها، بل فيها ما ينفيه ولو كان له شريك لأتت رسله وكتبه تترى ولا خبر عن شريكه وصح إثبات التوحيد بالنقل لعدم توقف البعثة عليه (بل أكثرهم لا يعلمون الحق) أي توحيد الله لتركهم النظر (فهم معرضون) عن الحق لعدم تمييزهم بينه وبين الباطل (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه) بالياء والنون (أنه لا إله إلا أنا فاعبدون (2)) فوحدوني (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا) قالوا الملائكة بنات الله (سبحانه) تنزيها له عن ذلك (بل عباد مكرمون) لديه (لا يسبقونه بالقول) لا يقولون إلا ما يقوله (وهم بأمره يعملون) في أقوالهم وأفعالهم (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) أي ما عملوا وما هم عاملون (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) أن يشفع له (وهم من خشيته) من مهابته (مشفقون) وجلون (ومن يقل منهم) من الملائكة فرضا وقيل عنى إبليس لأنه دعي إلى طاعته (إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم) والتعذيب ينافي النبوة (كذلك) الجزاء (نجزي الظالمين) المشركين (أولم (3) ير الذين كفروا) يعلموا (أن السماوات والأرض كانتا رتقا) ذواتي رتق أو مرتوقتين أي ملتصقتين (ففتقناهما) بالمطر والنبات (وجعلنا من الماء كل شئ حي) خلقنا منه كل حيوان لفرط حاجته إليه وقلة صبره عنه أو صيرنا كل شئ حي بسبب من الماء لابد له منه وقيل

(1) معي: بسكون الياء.
(2) فاعبدوني.
(3) ألم.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»