تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣٠٨
في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى * (40) * واصطنعتك لنفسي * (41) * اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكرى * (42) * اذهبا إلى فرعون إنه طغى * (43) * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى * (44) * قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى * (45) * قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى * (46) * فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئنك باية من ربك والسلم على من اتبع الهدى * (47) * إنا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى * (48) * قال فمن ربكما يا موسى * (49) * قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى * (50) * قال فما بال القرون الأولى * (51) * قال علمها عند ربي في كتب لا يضل ربي ولا ينسى * (52) * الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى * (53) * كلوا وارعوا أنعمكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى * (54) *، منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى * (55) * ولقد أرينه آياتنا كلها فكذب وأبى * (56) * قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى * (57) * فلنأتينك بسحر
____________________
هو القبطي وخفت القصاص (فنجيناك من الغم) بالأمن منه (وفتناك فتونا) واختبرناك اختبارات متعددة على أنه جمع فتن (فلبثت سنين) عشرا (في أهل مدين) عند شعيب بعد هجرتك إليها وهي على ثمان مراحل من مصر (ثم جئت على قدر يا موسى) على وقت قدرته لإرسالك أو نوحي إلى الأنبياء وهو ابن أربعين سنة (واصطنعتك لنفسي) اخترتك لرسالتي وإقامة حجتي (اذهب أنت وأخوك بآياتي) التسع أو التي في العصا واليد (ولا تنيا) تفترا أو تقصرا (في ذكري) بتسبيح ونحوه أو في تبليغ رسالتي (اذهبا إلى فرعون) أمر لهما والأول لموسى فلا تكرار (إنه طغى) بكفره (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر) يتعظ (أو يخشى) العقاب (قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا) أي يعجل عقوبتنا قبل إظهار الحجة من فرط تقدم (أو أن يطغى) يتكبر علينا أو يزداد كفرا (قال لا تخافا إنني معكما) بالحفظ والنصرة (أسمع) قوله (وأرى) فعله فأدفع شره عنكما (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل) أطلقهم (ولا تعذبهم) باستعمالهم الأعمال الشاقة وقتل ولدانهم (قد جئناك بآية من ربك) بحجة تصدق دعوانا والمراد جنسها فلا ينافي تعددها (والسلام على من اتبع الهدى إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب) بما جئنا به (وتولى) أعرض عنه فأتياه وقالا له ما أمرا به (قال فمن ربكما يا موسى) خصه بالنداء لأنه الأصل ولتربيته له (قال ربنا الذي أعطى كل شئ) من المخلوقات (خلقه) صورته التي هو عليها المطابقة لكماله الممكن له أو أعطى خليقته كل شئ يحتاجون إليه (ثم هدى) دله على جلب النفع ودفع الضر اختيارا أو طبعا (قال فما بال القرون الأولى) ما حال الأمم الماضية كقوم نوح وعاد وثمود من السعادة والشقاوة تهب بالحجة فصرف الكلام عنها (قال) موسى (علمها) أي علم حالهم مثبت (عند ربي في كتاب) هو اللوح المحفوظ (لا يصل ربي) لا يخطئ شيئا (ولا ينسى) لا يذهل عن شئ (الذي جعل لكم الأرض مهدا) فراشا وقرئ مهادا (وسلك) جعل (لكم فيها سبلا) طرقا تسلكونها (وأنزل من السماء ماء) مطرا (فأخرجنا به) التفت إلى التكلم على الحكاية لقول الله إيذانا باختصاصه بانقياد الأشياء المختلفة لأمره (أزواجا) أصنافا (من نبات شتى) جمع شتيت كمرضى لمريض أي متفرقات في الألوان والطعوم والمنافع (كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك) المذكور (لآيات) لعبرا (لأولي النهى) لذوي العقول جمع نهيه سمي بها العقل لنهيه عن القبيح (منها) أي الأرض (خلقناكم) فإنها أصل خلقة أبيكم آدم والنطف التي خلقتم منها (وفيها نعيدكم) إذا أمتناكم (ومنها نخرجكم) إذا بعثناكم (تارة أخرى) كما أخرجناكم حين ابتدأنا خلقكم (ولقد أريناه) بصرنا فرعون (آياتنا كلها) التسع (فكذب بها) عنادا (وأبى) قبولها (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا) مصر وتستولي عليها (بسحرك يا موسى) نسبه إلى السحر تلبيسا على قومه (فلنأتينك بسحر...
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»