كالصريحة بأن لفظ " من الزكاة " إنما هو تفسير من الإمام لا من القرآن، فهي حاكمة ببيانها على مرسلة ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: " سيطوقون ما بخلوا به " من الزكاة يوم القيامة وصارفة لها عن كونها بيانا للنقيصة. (ومنها) صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) كما في الكافي في باب نص الله ورسوله على الأئمة واحدا بعد واحد. وفيها: فقلت له إن الناس يقولون فما له لم يسم عليا (ع) وأهل بيته في كتاب الله قال فقولوا لهم إن رسول الله نزلت عليه " الصلاة " ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله (ص) هو الذي قسر لهم ذلك وكذا قال (ع) في الزكاة والحج. ومقتضى الرواية تصديق الإمام (ع) لقول الناس إن الله لم يسم عليا في القرآن وإن التسمية كانت من تفسير رسول الله (ص) في حديث من كنت مولاه، وحديث الثقلين. ويشهد لذلك ما رواه في الكافي أيضا في هذا الباب بعد ذلك بيسير في صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر عليه السلام ورواية أبى الجارود عنه (ع) أيضا ورواية أبى الديلم عن أبي عبد الله (ع) أنهما تلوا في مقام الاحتجاج وعدم التقية قوله تعالى " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " ولم يذكرا في تلاوة الآية كلمة " في علي " وهذا يدل على أن ما روى في ذكر اسم علي (ع) في هذا المقام بل وفي غيره إنما هو تفسير وبيان للمراد في وحى القرآن يكون التفسير والبيان جاء به جبرائيل من عند الله بعنوان الوحي المطلق لا القرآن " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى " (ومنها) رواية الفضيل عن أبي الحسن الماضي (ع) في باب النكت من التنزيل في الولاية من الكافي قال: قلت هذا الذي كنتم به تكذبون قال يعنى أمير المؤمنين (ع) قلت تنزيل قال (ع) نعم فإنه (ع) ذكر أمير المؤمنين (ع) بقوله يعنى بعنوان التفسير وبيان المراد والمشار إليه في قوله تعالى هذا فقوله في الجواب " نعم " دليل على أن ما كان مرادا بعينه في وحى القرآن يسمونه عليهم السلام تنزيلا. فتكون هذه الرواية وأمثالها قاطعة لتشبثات " فصل الخطاب " بما حشده من الروايات التي عرفت حالها إجمالا وإلى ما ذكرناه وغيره يشير ما نقلناه من كلمات العلماء الأعلام قدست أسرارهم.
فإن قيل: إن هذه الرواية ضعيفة وكذا جملة من الروايات المتقدمة قلنا إن جل ما حشده " فصل الخطاب " من الروايات هو مثل هذه الرواية وأشد منها ضعفا كما أشرنا إليه في وصف رواتها على أن ما ذكرناه من الصحاح فيه كفاية لأولى الألباب.
(الفصل الثالث في قراءاته) ومن أجل تواتر القرآن الكريم بين عامة المسلمين جيلا بعد جيل استمرت مادته وصورته وقرائته المتداولة على نحو واحد، فلم يؤثر شيئا على مادته وصورته ما يروى عن بعض الناس من الخلاف في قرائته من القراء السبع المعروفين وغيرهم فلم تسيطر على صورته قراءة أحدهم اتباعا له ولو في بعض النسخ ولم يسيطر عليه أيضا ما روى من كثرة القراءات المخالفة له مما انتشرت روايته في الكتب كجامع البخاري ومستدرك الحاكم مسندة عن النبي (ص) وعلي (ع) وابن عباس وعمر وأبى وابن مسعود وابن عمر وعائشة وأبى الدرداء وابن الزبير (وانظر أقلا إلى الجزء الأول من كنز العمال صفحة 284 - 289) نعم ربما التبع مصحف عثمان، على ما يقال في مجرد رسم الكتاب في بعض المصاحف في كلمات معدودة كزيادة الألف بين الشين والياء من قوله تعالى لشئ من سورة الكهف وزيادتها أيضا في لأذبحنه من سورة النمل ونحو ذلك في قليل من الكلمات. وان القراءات السبع فضلا عن العشر إنما هي في صورة بعض الكلمات لا بزيادة كلمة أو نقصها، ومع ذلك ما هي إلا روايات آحاد عن آحاد لا توجب اطمأنا ولا وثوقا فضلا عن وهنها بالتعارض ومخالفتها للرسم المتداول المتواتر بين عامة المسلمين في السنين المتطاولة. وان كلا من القراء هو واحد لم تثبت عدالته ولا ثقته يروى عن آحاد حال غالبهم مثل حاله ويروى عنه آحاد مثله. وكثيرا ما يختلفون في الرواية عنه. فكم اختلف حفص وشعبة في الرواية عن عاصم وكذا قالون وورش في الرواية عن نافع. وكذا قنبل والبزى في روايتهما عن أصحابهما عن ابن كثير. وكذا رواية أبى عمر وأبى شعيب في روايتهما عن اليزيدي عن أبي عمر. وكذا رواية ابن ذكوان