أمثال هذا المنقول في دبستان المذاهب ضالته المنشودة ومع ذلك قال إنه لم يجد لهذا المنقول أثرا في كتب الشيعة.
فيا للعجب من صاحب دبستان المذاهب من أين جاء بنسبة هذه الدعوى إلى الشيعة. وفي أي كتاب لهم وجدها، أفهكذا يكون النقل في الكتب ولكن لا عجب (شنشة أعرفها من أخزم) فكم نقلوا عن الشيعة مثل هذا النقل الكاذب كما في كتاب الملل للشهرستاني ابن خلدون وغير ذلك مما كتبه بعض الناس في هذه السنين والله المستعان.
- قول الإمامية بعدم النقيصة في القرآن - ولا يخفى أن شيخ المحدثين والمعروف بالاعتناء بما يروى وهو الصدوق طاب ثراه قال في كتاب الاعتقاد:
اعتقادنا أن القرآن الذي أنزل الله على نبيه (ص) هو ما بين الدفتين وليس بأكثر من ذلك، ومن نسب إلينا أنا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب انتهى. وحمل الروايات الواردة في النقصان على وجوه أخر. وفي أواخر فصل الخطاب من كتاب المقالات للشيخ المفيد قدس سره أنه قال جماعة من أهل الإمامة إنه (أي القرآن) لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين (ع) من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله. وعن السيد المرتضى قدس سره قوله بعدم النقيصة وان من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخبارا ضعيفة ظنوا صحتها. وفي أول التبيان للشيخ الطوسي (قدس سره) أما الكلام في زيادته ونقصه فما لا يليق به أيضا لأن الزيادة نصره المرتضى وهو الظاهر في الروايات غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شئ منه من موضع إلى موضع طريقها الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا والأولى الإعراض عنها انتهى. وتبعه على ذلك في مجمع البيان وفي كشف الغطاء في كتاب القرآن المبحث الثامن في نقصه لا ريب انه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان كما دل عليه صريح القرآن وإجماع العلماء في كل زمان، ولا عبرة بالنادر، وما ورد من أخبار النقص تمنع البديهة من العمل بظاهرها (إلى أن قال) فلا بد من تأويلها بأحد وجوه. وعن السيد القاضي نور الله في كتابه (مصائب النواصب) ما نسب إلى الشيعة الإمامية من وقوع التغيير في القرآن ليس مما قال به جمهور الإمامية إنما قال به شرذمة قليلة منهم لا اعتداد بهم فيما بينهم. وعن الشيخ البهائي: وأيضا اختلفوا في وقوع الزيادة والنقصان فيه والصحيح أن القرآن العظيم محفوظ عن ذلك زيادة كان أو نقصانا، وبدل عليه قوله تعالى " وإنا له لحافظون " وما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام منه في بعض المواضع مثل قوله تعالى يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك في " على " وغير ذلك فهو غير معتبر عند العلماء. وعن المقدس البغدادي في شرح الوافية وإنما الكلام في النقيصة والمعروف بين أصحابنا حتى حكى عليه الاجماع عدم النقيصة أيضا، وعنه أيضا عن الشيخ علي بن عبد العالي انه صنف في نفى النقيصة رسالة مستقلة وذلك كلام الصدوق المتقدم ثم اعترض بما يدل على النقيصة من الأحاديث وأجاب بأن الحديث إذا جاء على خلاف الدليل من الكتاب والسنة المتواترة أو الإجماع ولم يمكن تأويله ولا حمله على بعض الوجوه وجب طرحه.
هذا وإن المحدث المعاصر جهد في كتاب فصل الخطاب في جمع الروايات التي استدل بها على النقيصة وكثر اعداد مسانيدها بأعداد المراسيل عن الأئمة عليهم السلام في الكتب كمراسيل العياشي وفرات وغيرها مع أن المتتبع المحقق يجزم بأن هذه المراسيل مأخوذة من تلك المسانيد. وفي جملة ما أورده من الروايات ما لا يتيسر احتمال صدقها. ومنها ما هو مختلف باختلاف يؤول به إلى التنافي والتعارض، وهذا المختصر لا يسع بيان النحوين الأخيرين. هذا مع أن القسم الوافر من الروايات ترجع أسانيده إلى بضعة أنفار، وقد وصف علماء الرجال كلا منهم: إما بأنه ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفو الرواية. وإما بأنه مضطرب الحديث والمذهب يعرف حديثه وينكر ويروى عن الضعفاء. وإما بأنه كذاب متهم لا استحل أن أروى من تفسيره حديثا واحدا وأنه معروف بالوقف وأشد الناس عداوة للرضا