تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ١٨٨
لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون * (176) * ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون * (177) * من يهد الله فهو المهتدى ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون * (178) * ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون * (179) * ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون * (180) * وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون * (181) * والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * (182) * وأملى لهم إن كيدي متين * (183) * أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين * (184) * أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث) * بعده يؤمنون * (185) * من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم
____________________
لرفعناه) إلى منازل العلماء (بها) بسبب الآيات قبل كفره لكن أبقيناه اختبارا له فكفر (ولكنه أخلد إلى الأرض) ركن إلى الدنيا (واتبع هواه) في إيثارها على العقبي (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه) بالطرد والزجر (يلهث) يدلع لسانه (أو تتركه) وشأنه (يلهث) والشرطية حال أي لاهثا في الحالين بخلاف سائر الحيوانات والمراد التشبيه في الصفة والخسة، وقيل لما دعا على موسى اندلع لسانه على صدره (ذلك) المثل (مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص) على اليهود (لعلهم يتفكرون) يتدبرونها فيعتبرون (ساء مثلا القوم) أي مثل القوم (الذين كذبوا بآياتنا) بعد علمهم بها (وأنفسهم) لا غيرها (كانوا يظلمون) بالتكذيب إذ وباله لا يتعداهم (من يهدي الله) إلى الإيمان بلطفه لعلمه أنه أهل اللطف أو إلى الجنة بسبب إيمانه (فهو (1) المهتدي) الفائز بالنعيم الباقي (ومن يضلل) بالتخلية (فأولئك هم الخاسرون) وفي تغيير الأسلوب بإفراد المهتدي وجمع الخاسر إشارة إلى أن المهتدين كواحد لاتحاد طريقهم بخلاف الضالين (ولقد ذرأنا (2)) خلقنا (لجهنم كثيرا من الجن والإنس) ممن علم الله أنهم للنار باختيارهم واللام للعاقبة (لهم قلوب لا يفقهون بها) الحق لتركهم تدبر دلائله (ولهم أعين لا يبصرون بها) آيات قدرته (ولهم آذان لا يسمعون بها) مواعظه للقرآن (3) سماع اتعاظ (أولئك كالأنعام) في عدم الفقه والإبصار والاستماع (بل هم أضل) لأنها لا تدع ما فيه صلاحها من جلب منفعة ودفع مضرة وهؤلاء يقدمون على النار عنادا (أولئك هم الغافلون) إذ لم يتنبهوا بالحجج (ولله الأسماء الحسنى) التي لا يسمى بها غيره (فادعوه بها) سموه بتلك الأسماء (وذروا) واتركوا (الذين يلحدون (5)) يميلون عن الحق (في أسمائه) فيطلقونها على أصنامهم ويشتقون أسمائهم منها كاللات من الله والعزى من العزيز ومناة من المنان أو يسمونه بما لا يليق به أي ذروهم وإلحادهم فيها (سيجزون) في الآخرة جزاء (ما كانوا يعملون وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) في الحكم هم الأئمة وأتباعهم (والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم) سنقربهم إلى الهلاك درجة درجة (من حيث لا يعلمون) ذلك بأن تتواتر عليهم النعم وهم يزدادون غيا حتى يحل بهم العذاب (وأملى لهم) وأمهلهم (إن كيدي متين) بطشي شديد سماه كيدا لمجيئه من حيث لا يشعرون (أولم يتفكروا) فيعلموا (ما بصاحبهم) محمد (من جنة) نزلت حين حذرهم بأس الله فنسبوه إلى الجنون (إن هو إلا نذير مبين) موضح للإنذار (أولم ينظروا) اعتبارا (في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ) من أصناف خلقه فيستدلوا به على الصانع (وأن عسى (6) أن يكون قد اقترب أجلهم) عطف على (ملكوت السماوات) وأن مصدرية أو مخففة واسمها ضمير الشأن أي أولم ينظروا في اقتراب أجلهم فيتبادروا إلى الإيمان لئلا يموتوا كفارا

(١) فهو: بسكون الهاء.
(٢) ذرأنا.
(٣) مواعظ القرآن ظ.
(4) الحسنى. بكسر النون بعدها ياء.
(5) يلحدون. بفتح الياء والحاء.
(6) عسى. بكسر السين بعدها ياء.
(١٨٨)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»