تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ١٢٣
على القاعدين أجرا عظيما * (95) * درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما * (96) * إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا * (97) * إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * (98) * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا * (99) *، ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما * (100) * وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا * (101) * وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم
____________________
من المجاهدين والقاعدين (وعد الله الحسنى (1)) المثوبة الحسنى وهي الحسنة بحسن نيتهم وإن فضل المجاهدين بالعمل (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) نصب على المصدر لأن فضل بمعنى أجر (درجات منه ومغفرة ورحمة) إبدال من أجر، قيل: القاعدون الأول الأضراء والثاني المأذون لهم في القعود اكتفاء بغيرهم وقيل المجاهدون الأول من جاهد الكفار والآخر من جاهد نفسه (وكان الله غفورا) لعباده (رحيما) بهم (إن الذين توفاهم) أو مضارع أي تتوفاهم (الملائكة ظالمي أنفسهم) في حال ظلمهم بترك الهجرة وموافقة الكفرة وهم ناس من أهل مكة أسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة فريضة (قالوا) أي الملائكة للمتوفين توبيخا لهم (فيم (2)) في أي شئ (كنتم) من أمر دينكم (قالوا) اعتذارا (كنا مستضعفين في الأرض) عاجزين عن الهجرة وإقامة الدين (قالوا) أي الملائكة (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) من أرض الكفر إلى بلد آخر كمن هاجر إلى المدينة والحبشة (فأولئك مأواهم (3) جهنم) خبر إن والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط (وساءت مصيرا) هي ويدل على وجوب الهجرة عن بلد لا يتمكن فيه من إقامة الدين (إلا المستضعفين من الرجال والنساء) منقطع إذ لم يدخلوا في أولئك (والولدان) الصبيان ذكروا مبالغة أو المماليك (لا يستطيعون حيلة) صفة المستضعفين إذ لم يعينوا أو حال عنهم إذ لا يجدون أسباب الهجرة لعجزهم (ولا يهتدون سبيلا) لا يعرفون طريقا إلى الهجرة وعن الباقر (عليه السلام):
لا يهتدون حيلة إلى الكفر فيكفروا ولا سبيلا إلى الإيمان فيؤمنوا، وعنه (عليه السلام): لا يستطيعون حيلة إلى الإيمان ولا يكفرون (فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم) ترك الهجرة لضعف عقولهم وعجزهم (وكان الله عفوا غفورا ومن يهاجر) يفارق أهل الشرك (في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا) متحولا إلى الرغام أي التراب أو طريقا يرغم بسلوكه قومه أي يهاجرهم على رغم أنوفهم (وسعة) في الرزق (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت) في الطريق (فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما وإذا ضربتم) سافرتم (في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) بتنصيف الرباعيات وهو صفة محذوف أي شيئا من الصلاة أو مفعول تقصروا بزيادة من والقصر عندنا عزيمة إجماعا ونصا ولا ينافيه نفي الجناح كما في لا جناح عليه أن يطوف بهما ولعله لأن الطباع لما ألفت التمام كان مظنة أن يخطر ببالهم أن عليهم نقصا في القصر فنفى عنهم الجناح لتطيب أنفسهم (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) يتعرضوا لكم بمكروه وهو شرط باعتبار الغالب في ذلك الوقت ولذا لم يعتبر مفهومه (إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا) بيني العداوة (وإذا كنت فيهم) في الخائفين (فأقمت لهم الصلاة) بأن تؤمهم (فلتقم) في الركعة الأولى (طائفة منهم معك) وتقوم الأخرى تجاه العدو (وليأخذوا (4) أسلحتهم) لأنه أقرب إلى الاحتياط (فإذا

(1) الحسنى: بكسر النون بعدها ياء.
(2) فيمه.
(3) ماويهم: بكسر الواو بعدها ياء وضم الهاء.
(4) واياخذوا.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»