تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٠
وقال: والافتداء افتداء الضرر عن الشئ ببدل منه انتهى، وقال: الفصيلة الجماعة المنقطعة عن جملة القبيلة برجوعها إلى أبوة خاصة عن أبوة عامة. انتهى، وذكر بعضهم أن الفصيلة عشيرته الأقربين الذين فصل عنهم كالآباء الأدنين.
وسياق هذه الآيات سياق الاضراب والترقي بالنسبة إلى قوله: " ولا يسأل حميم حميما " فيفيد أن المجرم يبلغ به شدة العذاب إلى أن يتمنى أن يفتدي من العذاب بأحب أقاربه وأكرمهم عليه بنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته وجميع من في الأرض ثم ينجيه الافتداء فيود ذلك فضلا عن عدم سؤاله عن حال حميمه.
والمعنى " يود " ويتمنى " المجرم " وهو المتلبس بالاجرام أعم من الكافر " لو يفتدي من عذاب يومئذ " وهذا هو الذي يتمناه، والجملة قائمة مقام مفعول يود. " ببنيه " الذين هم أحب الناس عنده " وصاحبته " التي كانت سكنا له وكان يحبها وربما قدمها على أبويه " وأخيه " الذي كان شقيقه وناصره " وفصيلته " من عشيرته الأقربين " التي تؤويه " وتضمه إليها " ومن في الأرض جميعا " من اولي العقل " ثم ينجيه " هذا الافتداء.
قوله تعالى: " كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى " كلا للردع، وضمير " إنها " لجهنم أو للنار وسميت لظى لكونها تتلظى وتشتعل، والنزاعة اسم مبالغة من النزع بمعنى الاقتلاع، والشوى الأطراف كاليد والرجل يقال: رماه فأشواه أي أصاب شواه كذا قال الراغب، وإيعاء المال إمساكه في وعاء.
فقوله: " كلا " ردع لتمنيه النجاة من العذاب بالافتداء وقد علل الردع بقوله: " إنها لظى " الخ ومحصله أن جهنم نار مشتعلة محرقة للأطراف شأنها أنها تطلب المجرمين لتعذبهم فلا تصرف عنهم بافتداء كائنا ما كان.
فقوله: " إنها لظى " أي نار صفتها الاشتعال لا تنعزل عن شأنها ولا تخمد، وقوله:
" نزاعة للشوى " أي صفتها إحراق الأطراف واقتلاعها لا يبطل ما لها من الأثر فيمن تعذبه.
وقوله: " تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى " أي تطلب من أدبر عن الدعوة الإلهية إلى الايمان بالله وأعرض عن عبادته تعالى وجمع المال فأمسكه في وعائه ولم ينفق منه للسائل والمحروم.
وهذا المعنى هو المناسب لسياق الاستثناء الآتي وذكر الصلاة والانفاق فيه.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست