العذاب قريب على خلاف ما يستبعدونه، وعلمنا لا يتخلف عن الواقع بل هو نفس الواقع.
قوله تعالى: " يوم تكون السماء كالمهل " المهل المذاب من المعدنيات كالنحاس والذهب وغيرهما، وقيل: دردي الزيت، وقيل: عكر القطران (1).
والظرف متعلق بقوله: " واقع " على ما يفيده السياق.
قوله تعالى: " وتكون الجبال كالعهن " العهن مطلق الصوف، ولعل المراد المنفوش منه كما في قوله تعالى: " وتكون الجبال كالعهن المنفوش " القارعة: 5.
وقيل: هو الصوف الأحمر، وقيل: المصبوغ ألوانا لان الجبال ذات ألوان مختلفة فمنها جدد بيض وحمر وغرابيب سود (2).
قوله تعالى: " ولا يسأل حميم حميما " الحميم القريب الذي تهتم بأمره وتشفق عليه.
إشارة إلى شدة اليوم فالانسان يومئذ تشغله نفسه عن غيره حتى أن الحميم لا يسأل حميمه عن حاله لاشتغاله بنفسه.
قوله تعالى: " يبصرونهم " الضميران للاحماء المعلوم من السياق والتبصير الاراءة والايضاح أي يرى ويوضح الأحماء للاحماء فلا يسألونهم عن حالهم اشتغالا بأنفسهم.
والجملة مستأنفة في معنى الجواب عن سؤال مقدر كأنه لما قيل: لا يسأل حميم حميما سئل فقيل: هل يرى الأحماء يومئذ أحماءهم؟ فأجيب: يبصرونهم ويمكن أن يكون " يبصرونهم " صفة " حميما ".
ومن ردي التفسير قول بعضهم: إن معنى قوله: " يبصرونهم " يبصر الملائكة الكفار، وما قيل: إن المعنى يبصر المؤمنون أعداءهم من الكفار وما هم فيه من العذاب فيشمتون بهم، وما قيل: إن المعنى يبصر أتباع الضلالة رؤساءهم. وهي جميعا وجوه لا دليل عليها.
قوله تعالى: " يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه " قال في المجمع: المودة مشتركة بين التمني وبين المحبة يقال: وددت الشئ أي تمنيته ووددته أي أحببته أود فيهما جميعا. انتهى، ويمكن أن يكون استعماله بمعنى التمني من باب التضمين.