تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٩
العذاب قريب على خلاف ما يستبعدونه، وعلمنا لا يتخلف عن الواقع بل هو نفس الواقع.
قوله تعالى: " يوم تكون السماء كالمهل " المهل المذاب من المعدنيات كالنحاس والذهب وغيرهما، وقيل: دردي الزيت، وقيل: عكر القطران (1).
والظرف متعلق بقوله: " واقع " على ما يفيده السياق.
قوله تعالى: " وتكون الجبال كالعهن " العهن مطلق الصوف، ولعل المراد المنفوش منه كما في قوله تعالى: " وتكون الجبال كالعهن المنفوش " القارعة: 5.
وقيل: هو الصوف الأحمر، وقيل: المصبوغ ألوانا لان الجبال ذات ألوان مختلفة فمنها جدد بيض وحمر وغرابيب سود (2).
قوله تعالى: " ولا يسأل حميم حميما " الحميم القريب الذي تهتم بأمره وتشفق عليه.
إشارة إلى شدة اليوم فالانسان يومئذ تشغله نفسه عن غيره حتى أن الحميم لا يسأل حميمه عن حاله لاشتغاله بنفسه.
قوله تعالى: " يبصرونهم " الضميران للاحماء المعلوم من السياق والتبصير الاراءة والايضاح أي يرى ويوضح الأحماء للاحماء فلا يسألونهم عن حالهم اشتغالا بأنفسهم.
والجملة مستأنفة في معنى الجواب عن سؤال مقدر كأنه لما قيل: لا يسأل حميم حميما سئل فقيل: هل يرى الأحماء يومئذ أحماءهم؟ فأجيب: يبصرونهم ويمكن أن يكون " يبصرونهم " صفة " حميما ".
ومن ردي التفسير قول بعضهم: إن معنى قوله: " يبصرونهم " يبصر الملائكة الكفار، وما قيل: إن المعنى يبصر المؤمنون أعداءهم من الكفار وما هم فيه من العذاب فيشمتون بهم، وما قيل: إن المعنى يبصر أتباع الضلالة رؤساءهم. وهي جميعا وجوه لا دليل عليها.
قوله تعالى: " يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه " قال في المجمع: المودة مشتركة بين التمني وبين المحبة يقال: وددت الشئ أي تمنيته ووددته أي أحببته أود فيهما جميعا. انتهى، ويمكن أن يكون استعماله بمعنى التمني من باب التضمين.

(1) اي رديه وخبيثه.
(2) كما في الآية 27 من سورة فاطر.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست