تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٨٧
دعوته ويرضي به قومه المعاندين ففكر فيه أيقول: شعر أو كهانة أو هذرة جنون أو أسطورة فقدر أن يقول: سحر من كلام البشر لأنه يفرق بين المرء وأهله وولده ومواليه.
وقوله: " فقتل كيف قدر " دعا عليه على ما يعطيه السياق نظير قوله: " قاتلهم الله أنى يؤفكون " التوبة: 30.
وقوله: " ثم قتل كيف قدر " تكرار للدعاء تأكيدا.
قوله تعالى: " ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر " تمثيل لحاله بعد التكفير والتقدير وهو من ألطف التمثيل وأبلغه.
فقوله: " ثم نظر " أي ثم نظر بعد التفكير والتقدير نظرة من يريد أن يقضي في أمر سئل أن ينظر فيه - على ما يعطيه سياق التمثيل -.
وقوله: " ثم عبس وبسر " العبوس تقطيب الوجه، قال في المجمع: وعبس يعبس عبوسا إذا قبض وجهه والعبوس والتكليح والتقطيب نظائر وضدها الطلاقة والبشاشة، وقال: والبسور بدء التكره في الوجه انتهى، فالمعنى ثم قبض وجهه وأبدا التكره في وجهه بعد ما نظر.
وقوله: " ثم أدبر واستكبر " الادبار عن شئ الاعراض عنه، والاستكبار الامتناع كبرا وعتوا، والأمران أعني الادبار والاستكبار من الأحوال الروحية، وإنما رتبا في التمثيل على النظر والعبوس والبسور وهي أحوال صورية محسوسة لظهورهما بقوله: " أن هذا إلا سحر " الخ، ولذا عطف قوله: " فقال إن هذا إلا سحر يؤثر بالفاء دون " ثم ".
وقوله: " فقال إن هذا إلا سحر يؤثر " أي أظهر إدباره واستكباره بقوله مفرعا عليه: " إن هذا - أي القرآن - إلا سحر يؤثر " أي يروى ويتعلم من السحرة.
وقوله: " إن هذا إلا قول البشر " أي ليس بكلام الله كما يدعيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
قيل: إن هذه الآية كالتأكيد للآية السابقة وإن اختلفتا معنى لان المقصود منهما نفي كونه قرآنا من كلام الله، وباعتبار الاتحاد في المقصود لم تعطف الجملة على الجملة.
قوله تعالى: " سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر " أي سأدخله سقر وسقر من أسماء جهنم في القرآن أو دركة من دركاتها، وجمله
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست