قوله تعالى: " وثيابك فطهر " قيل: كناية عن إصلاح العمل، ولا يخلو من وجه فإن العمل بمنزلة الثياب للنفس بما لها من الاعتقاد فالظاهر عنوان الباطن، وكثيرا ما يكنى في كلامهم عن صلاح العمل بطهارة الثياب.
وقيل: كناية عن تزكية النفس وتنزيهها عن الذنوب والمعاصي.
وقيل: المراد تقصير الثياب لأنه أبعد من النجاسة ولو طالت وانجرت على الأرض لم يؤمن أن تتنجس.
وقيل: المراد تطهير الأزواج من الكفر والمعاصي لقوله تعالى: " هن لباس لكم " البقرة: 187 وقيل: الكلام على ظاهره والمراد تطهير الثياب من النجاسات للصلاة والأقرب على هذا أن يجعل قوله: " وربك فكبر " إشارة إلى تكبير الصلاة وتكون الآيتان مسوقتين لتشريع أصل الصلاة مقارنا للامر بالدعوة.
ولا يرد عليه ما قيل: إن نزول هذه الآيات كان حيث لا صلاة أصلا وذلك أن تشريع الفرائض الخمس اليومية على ما هي عليها اليوم وإن كان في ليلة المعراج وهي جميعا عشر ركعات ثم زيد عليها سبع ركعات إلا أن أصل الصلاة كان منذ أوائل البعثة كما يشهد به ذكرها في هذه السورة وسورتي العلق والمزمل، ويدل عليه الروايات.
وقيل: المراد بتطهير الثياب الخلق بالأخلاق الحميدة والملكات الفاضلة.
وفي معنى تطهير الثياب أقوال أخر أغمضنا عن نقلها لامكان إرجاعها إلى بعض ما تقدم من الوجوه، وأرجح الوجوه المتقدمة أولها وخامسها.
قوله تعالى: " والرجز فاهجر " قيل: الرجز بضم الراء وكسرها العذاب، والمراد بهجره هجر سببه وهو الاثم والمعصية، والمعنى اهجر الاثم والمعصية.
وقيل: الرجز اسم لكل قبيح مستقذر من الافعال والأخلاق فالامر بهجره أمر بترك كل ما يكرهه الله ولا يرتضيه مطلقا، أو أمر بترك خصوص الأخلاق الرذيلة الذميمة على تقدير أن يكون المراد بتطهير الثياب ترك الذنوب والمعاصي.
وقيل: الرجز هو الصنم فهو أمر بترك عبادة الأصنام.