تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٦
(بيان) تتضمن الآيات هلاك القوم وتتمة دعاء نوح عليه السلام عليهم.
قوله تعالى: " مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا " الخ " من " لابتداء الغاية تفيد بحسب المورد التعليل و " ما " زائدة لتأكيد أمر الخطايا وتفخيمه، والخطيئات المعاصي والذنوب، وتنكير النار للتفخيم.
والمعنى: من أجل معاصيهم وذنوبهم أغرقوا بالطوفان فأدخلوا - أدخلهم الله - نارا لا يقدر عذابها بقدر، ومن لطيف نظم الآية الجمع بين الاغراق بالماء وإدخال النار.
والمراد بالنار نار البرزخ التي يعذب بها المجرمون بين الموت والبعث دون نار الآخرة، والآية من أدلة البرزخ إذ ليس المراد أنهم أغرقوا وسيدخلون النار يوم القيامة، ولا يعبأ بما قيل: ان من الجائز أن يراد بها نار الآخرة.
وقوله: " فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا " أي ينصرونهم في صرف الهلاك والعذاب عنهم. تعريض لأصنامهم وآلهتهم.
قوله تعالى: " وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " الديار نازل الدار، والآية تتمة دعائه عليه السلام عليهم، وكان قوله: " مما خطيئاتهم أغرقوا " الخ معترضا واقعا بين فقرتي الدعاء للإشارة إلى أنهم أهلكوا لما عد نوح من خطيئاتهم ولتكون كالتمهيد لسؤاله الهلاك فيتبين أن اغراقهم كان استجابة لدعائه، وأن العذاب استوعبهم عن آخرهم.
قوله تعالى: " انك أن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا " تعليل لسؤال اهلاكهم عن آخرهم مفاده أن لا فائدة في بقائهم لا لمن دونهم من المؤمنين فإنهم يضلونهم، ولا فيمن يلدونه من الأولاد فإنهم لا يلدون الا فاجرا كفارا - والفجور الفسق الشنيع والكفار المبالغ في الكفر.
وقد استفاد عليه السلام ما ذكره من صفتهم من الوحي الإلهي على ما تقدم في تفسير قصة نوح من سورة هود.
قوله تعالى: " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات "
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست