تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٤٠
قوله تعالى: " وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا " فسر الجد بالعظمة وفسر بالحظ، والآية في معنى التأكيد لقولهم: " ولن نشرك بربنا أحدا ".
والقراءة المشهورة " أنه " بالفتح، وقرء بالكسر في هذه الآية وفيما بعدها من الآيات - اثنا عشر موردا - إلى قوله: " وأن لو استقاموا " فبالفتح وهو الأرجح لظهور سياق الآيات في أنها مقولة قول الجن.
وأما قراءة الفتح فوجهها لا يخلو من خفاء، وقد وجهها بعضهم بأن الجملة " وأنه " " الخ " معطوفة على الضمير المجرور في قوله " آمنا به " والتقدير وآمنا بأنه تعالى جد ربنا الخ فهو إخبار منهم بالايمان بنفي الصاحبة والولد منه تعالى على ما يقول به الوثنيون.
وهذا إنما يستقيم على قول الكوفيين من النحاة بجواز العطف على الضمير المتصل المجرور، وأما على قول البصريين منهم من عدم جوازه فقد وجهه بعضهم كما عن الفراء والزجاج والزمخشري بأنها معطوفة على محل الجار والمجرور وهو النصب فإن قوله:
" آمنا به " في معنى صدقناه، والتقدير وصدقنا أنه تعالى جد ربنا الخ، ولا يخفى ما فيه من التكلف.
ووجهه بعضهم بتقدير حرف الجر في الجملة المعطوفة وذلك مطرد في أن وأن، والتقدير آمنا به وبأنه تعالى جد ربنا " الخ ".
ويرد على الجميع أعم من العطف على الضمير المجرور أو على محله أو بتقدير حرف الجر أن المعنى إنما يستقيم حينئذ في قوله: " وأنه تعالى جد ربنا " الخ، وقوله: " وأنه كان يقول سفيهنا " الخ، وأما بقية الآيات المصدرة بأن كقوله: " وأنا ظننا أن لن تقول " الخ، وقوله: " وأنه كان رجال من الانس " الخ، وقوله: " وأنا لمسنا السماء " فلا يصح قطعا فلا معنى لان يقال: آمنا أو صدقنا أنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله شططا، أو يقال: آمنا أو صدقنا أنه كان رجال من الانس يعوذون الخ، أو يقال: آمنا أو صدقنا أنا لمسنا السماء الخ.
ولا يندفع الاشكال إلا بالمصير إلى ما ذكره بعضهم أنه إذا وجه الفتح في الآيتين الأوليين بتقدير الايمان أو التصديق فليوجه في كل من الآيات الباقية بما يناسبها من التقدير.
ووجه بعضهم الفتح بأن قوله: " وأنه تعالى " الخ وسائر الآيات المصدرة بأن
(٤٠)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست