تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٤٧
سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: مالكم: قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب قالوا: ما ذاك الا من شئ حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها.
فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم وقالوا: " انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا " فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: " قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن ".
ورواه البخاري ومسلم أيضا في الصحيح.
أقول: وروى القمي في تفسيره ما يقرب منه وقد أوردنا الرواية في تفسير سورة الأحقاف في ذيل قوله: " وإذا صرفنا إليك نفرا من الجن " الخ.
لكن ظاهر روايته أن النفر الذين نزلت فيهم آيات سورة الأحقاف هم النفر الذين نزلت فيهم هذه السورة وظاهر آيات السورتين لا يلائم ذلك فان ظاهر قولهم المنقول في سورة الأحقاف: " انا سمعنا كتابا أنزل بعد موسى يهدي إلى الحق " الآية أنهم كانوا مؤمنين بموسى ومصدقين للتوراة وظاهر آيات هذه السورة أنهم كانوا مشركين لا يرون النبوة ولازم ذلك تغاير الطائفتين اللهم الا أن يمنع الظهور.
وفيه عن علقمة بن قيس قال: قلت لعبد الله بن مسعود: من كان منكم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الجن؟ فقال: ما كان منا معه أحد فقدناه ذات ليلة ونحن بمكة فقلنا: اغتيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو استطير فانطلقنا نطلبه من الشعاب فلقيناه مقبلا من نحو حراء فقلنا:
يا رسول الله أين كنت؟ لقد أشفقنا عليك، وقلنا له: بتنا الليلة بشر ليلة بات بها قوم حين فقدناك، فقال لنا: إنه أتاني داعي الجن فذهبت أقرؤهم القرآن فذهب بنا وأرانا آثارهم وآثار نيرانهم فأما أن يكون صحبه منا أحد فلا.
وفيه وعن الربيع بن أنس قال: ليس لله تعالى جد وإنما قالته الجن بجهالة فحكاه الله سبحانه كما قالت، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
أقول: المراد بالجد المنفي عنه تعالى الحظ والبخت.
وفي الاحتجاج عن علي عليه السلام في حديث: فأقبل إليه الجن والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ببطن
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست