تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٧١
لكن وقوع قوله: " يوم يقوم الروح والملائكة صفا " بعد قوله: " لا يملكون منه خطابا " الظاهر في اختصاص عدم الملك بيوم الفصل مضافا إلى وقوعه في سياق تفصيل جزاء الطاغين والمتقين منه تعالى يوم الفصل يعطي أن يكون المراد به أنهم لا يملكون أن يخاطبوه فيما يقضي ويفعل بهم باعتراض عليه أو شفاعة فيهم لكن الملائكة - وهم عن لا يملكون منه خطابا - منزهون عن وصمة الاعتراض عليه تعالى وقد قال فيهم: " عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " الأنبياء: 27 وكذلك الروح الذي هو (1) كلمته وقوله، وقوله (1) حق، وهو تعالى (3) الحق المبين والحق لا يعارض الحق ولا يناقضه.
ومن هنا يظهر أن المراد بالخطاب الذي لا يملكونه هو الشفاعة وما يجري مجراها من وسائل التخلص من الشر كالعدل والبيع والخلة والدعاء والسؤال قال تعالى: " من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة " البقرة: 254، وقال: " ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة " البقرة: 123، وقال: " يوم يأت لاتكلم نفس إلا بإذنه " هود: 105.
وبالجملة قوله: " لا يملكون منه خطابا " ضمير الفاعل في " لا يملكون " لجميع المجموعين ليوم الفصل من الملائكة والروح والانس والجن كما هو المناسب للسياق الحاكي عن ظهور العظمة والكبرياء دون خصوص الملائكة والروح لعدم سبق الذكر ودون خصوص الطاغين كما قيل لكثرة الفصل، والمراد بالخطاب الشفاعة وما يجري مجراها كما تقدم.
وقوله: " يوم يقوم الروح والملائكة صفا " ظرف لقوله: " لا يملكون "، وقيل:
لقوله: " لا يتكلمون " وهو بعيد مع صلاحية ظرفيته لما سبقه.
والمراد بالروح المخلوق الأمري الذي يشير إليه قوله تعالى: " قل الروح من أمر ربي " أسرى: 85.
وقيل: المراد به اشراف الملائكة، وقيل حفظة الملائكة وقيل: ملك موكل على الأرواح. ولا دليل على شئ من هذه الأقوال.

(١) النحل: ٤٠.
(٢) الانعام: ٧٣.
(٣) النور: ٢٥.
(١٧١)
مفاتيح البحث: الشفاعة (3)، البيع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست