وقد فسروا " أحقابا " في الآية بالحقب بعد الحقب فالمعنى حال كون الطاغين لابثين في جهنم حقبا بعد حقب بلا تحديد ولا نهاية فلا تنافي الآية ما نص عليه القرآن من خلود الكفار في النار.
وقيل: إن قوله: " لا يذوقون فيها " الخ صفة " أحقابا " والمعنى لابثين فيها أحقابا هي على هذه الصفة وهي أنهم لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا، ثم يكونون على غير هذه الصفة إلى غير النهاية.
وهو حسن لو ساعد السياق.
قوله تعالى: " لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا " ظاهر المقابلة بين البرد والشراب أن المراد بالبرد مطلق ما يتبرد به غير الشراب كالظل الذي يستراح إليه بالاستظلال فالمراد بالذوق مطلق النيل والمس.
قوله تعالى: " إلا حميما وغساقا " الحميم الماء الحار شديد الحر، والغساق صديد أهل النار.
قوله تعالى: " جزاء وفاقا - إلى قوله - كتابا " المصدر بمعنى اسم الفاعل والمعنى يجزون جزاء موافقا لما عملوا أو بتقدير مضاف أي جزاء ذا وفاق أو اطلاق الوفاق على الجزاء للمبالغة كزيد عدل.
وقوله: " إنهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا " أي تكذيبا عجيبا يصرون عليه، تعليل يوضح موافقة جزائهم لعملهم، وذلك أنهم لم يرجوا الحساب يوم الفصل فأيسوا من الحياة الآخرة وكذبوا بالآيات الدالة عليها فأنكروا التوحيد والنبوة وتعدوا في أعمالهم طور العبودية فنسوا الله تعالى فنسيهم وحرم عليهم سعادة الدار الآخرة فلم يبق لهم إلا الشقاء ولا يجدون فيها إلا ما يكرهون، ولا يواجهون إلا ما يتعذبون به وهو قوله: " فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ".
وفي الآية أعني قوله: " جزاء وفاقا " دلالة على المطابقة التامة بين الجزاء والعمل فالانسان لا يريد بعمله إلا الجزاء الذي بإزائه والتلبس بالجزاء تلبس بالعمل بالحقيقة قال تعالى: " يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون " التحريم: 7.
وقوله: " وكل شئ أحصيناه كتابا " أي كل شئ ومنه الأعمال ضبطناه وبيناه في