تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٦٩
فقط لمن يشاء ولذلك كررت المشية، قيل وجه تعريف الذكور أنهم المطلوبون لهم المعهودون في أذهانهم وخاصة العرب.
وقوله: (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا) أي يجمع بينهم حال كونهم ذكرانا وإناثا معا فالتزويج في اللغة الجمع، وقوله: (ويجعل من يشاء عقيما) أي لا يلد ولا يولد له، ولما كان هذا أيضا قسما برأسه قيده بالمشية كالقسمين الأولين، وأما قسم الجمع بين الذكران والإناث فإنه بالحقيقة جمع بين القسمين الأولين فاكتفى بما ذكر من المشية فيهما.
وقوله: (إنه عليم قدير) تعليل لما تقدم أي إنه عليم لا يزيد ما يزيد لجهل قدير لا ينقص ما ينقص عن عجز.
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن علي قال: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا، فتمنوا الدنيا.
أقول: والآية على هذا مدنية لكن الرواية أشبه بالتطبيق منها بسبب النزول.
وفي تفسير القمي قوله: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) قال الصادق عليه السلام: لو فعل لفعلوا ولكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض واستعبدهم بذلك ولو جعلهم أغنياء لبغوا (ولكن ينزل بقدر ما يشاء) مما يعلم أنه يصلحهم في دينهم ودنياهم (إنه بعباده خبير بصير).
وفي المجمع روى أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن جبرئيل عن الله جل ذكره: إن من عبادي من لا يصلحه إلا السقم ولو صححته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لافسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لافسده، وذلك أنى أدبر عبادي لعلمي بقلوبهم.
وفي تفسير القمي حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي حمزة
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست