الذات لا معان سلبية حتى تكون الحياة بمعنى انتفاء الموت والعلم بمعنى انتفاء الجهل والقدرة بمعنى انتفاء العجز على ما يقوله الصابئون ولازمه خلو الذات عن صفات الكمال.
فالحق أن معنى قدرته تعالى كونه بحيث يفعل ما يشاء، ولازم هذا المعنى الايجابي انتفاء مطلق العجز عنه تعالى.
قوله تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) المصيبة النائبة تصيب الانسان كأنها تقصده، والمراد بما كسبت أيديكم المعاصي والسيئات، وقوله: (ويعفو عن كثير) أي عن كثير مما كسبت أيديكم وهي السيئات.
والخطاب في الآية اجتماعي موجه إلى المجتمع غير منحل إلى خطابات جزئية ولازمه كون المراد بالمصيبة التي تصيبهم المصائب العامة الشاملة كالقحط والغلاء والوباء والزلازل وغير ذلك.
فيكون المراد أن المصائب والنوائب التي تصيب مجتمعكم ويصابون بها إنما تصيبكم بسبب معاصيكم والله يصفح عن كثير منها فلا يأخذ بها.
فالآية في معنى قوله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) الروم: 41، وقوله: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا) الأعراف: 96، وقوله: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد: 11، وغير ذلك من الآيات الدالة على أن بين أعمال الانسان وبين النظام الكوني ارتباطا خاصا فلو جرى المجتمع الانساني على ما يقتضيه الفطرة من الاعتقاد والعمل لنزلت عليه الخيرات وفتحت عليه البركات ولو أفسدوا أفسد عليهم.
هذا ما تقتضيه هذه السنة الإلهية إلا أن ترد عليه سنة الابتلاء أو سنة الاستدراج والاملاء فينقلب الامر، قال تعالى: (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا السراء والضراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون) الأعراف: 95.
ويمكن أن يكون الخطاب في الآية عاما منحلا إلى خطابات الافراد فيكون ما يصاب كل إنسان بمصيبة في نفسه أو ماله أو ولده أو عرضه وما يتعلق به مستندا إلى معصية أتى بها وسيئة عملها ويعفو الله عن كثير منها.