تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٦٢
قوله تعالى: (ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص) قيل: هو غاية معطوفة على أخرى محذوفة، والتقدير نحو من قولنا: ليظهر به قدرته ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من مفر ولا مخلص، وهذا كثير الورود في القرآن الكريم غير أن المعطوف فيما ورد فيه مقارن للام الغاية كقوله: (وليعلم الله الذين آمنوا) آل عمران: 140.
وقوله: (وليكون من الموقنين) الانعام: 75.
وجوز بعضهم أن يكون معطوفا على جزاء الشرط بتقدير أن نحو إن جئتني أكرمك وأعطيك كذا وكذا بنصب أعطيك، والمسألة نحوية خلافية فليرجع إلى ما ذكروه فيه.
قوله تعالى: (فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا) الخ، تفصيل لما تقدم ذكره من الرزق وتقسيم له إلى ما عند الناس من رزق الدنيا الشامل للمؤمن والكافر وما عند الله من رزق الآخرة المختص بالمؤمنين، فيه تخلص إلى ذكر صفات المؤمنين وذكر بعض ما يلقاه الظالمون يوم القيامة.
فقوله: (فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا) الخطاب للناس على ما يفيده السياق دون المشركين خاصة، والمراد بما أوتيتم من شئ جميع ما أعطيه للناس ورزقوه من النعيم، وإضافة المتاع إلى الحياة للإشارة إلى انقطاعه وعدم ثباته ودوامه، والمعنى:
فكل شئ أعطيتموه مما عندكم متاع تتمتعون به في أيام قلائل.
وقوله: (وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) المراد بما عند الله ما ادخره الله ثوابا ليثيب به المؤمنين، واللام في (للذين آمنوا) للملك والظرف لغو، وقيل اللام متعلق بقوله (أبقى) والأول أظهر، وكون ما عند الله خيرا لكونه خالصا من الألم والكدر وكونه أبقى لكونه أدوم غير منقطع الاخر.
قوله تعالى: (والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون) عطف على قوله: (الذين آمنوا) والآية وآيتان بعدها تعد صفات المؤمنين الحسنة وقول بعضهم أنه كلام مستأنف لا يساعد عليه السياق.
وكبائر الاثم المعاصي الكبيرة التي لها آثار سوء عظيمة وقد عد تعالى منها شرب
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست