تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٢٦
أخذت في وهمك واحدا يتفرق، وإذا نظرت من جانب الاجتماع أخذت في وهمك اثنين اجتمعا فلذلك قيل: شعبت إذا جمعت، وشعبت إذا فرقت. انتهى.
وقيل: الشعوب العجم والقبائل العرب، والظاهر أن ماله إلى أحد القولين السابقين، وسيجئ تمام الكلام فيه (1).
ذكر المفسرون أن الآية مسوقة لنفي التفاخر بالأنساب، وعليه فالمراد بقوله:
(من ذكر وأنثى) آدم وحواء، والمعنى: أنا خلقناكم من أب وأم تشتركون جميعا فيهما من غير فرق بين الأبيض والأسود والعربي والعجمي وجعلناكم شعوبا وقبائل مختلفة لا لكرامة لبعضكم على بعض بل لان تتعارفوا فيعرف بعضكم بعضا ويتم بذلك أمر اجتماعكم فيستقيم مواصلاتكم ومعاملاتكم فلو فرض ارتفاع المعرفة من بين أفراد المجتمع انفصم عقد الاجتماع وبادت الانسانية فهذا هو الغرض من جعل الشعوب والقبائل لا أن تتفاخروا بالأنساب وتتباهوا بالاباء والأمهات.
وقيل: المراد بالذكر والأنثى مطلق الرجل والمرأة، والآية مسوقة لالغاء مطلق التفاضل بالطبقات كالأبيض والأسود والعرب والعجم والغني والفقير والمولى والعبد والرجل والمرأة، والمعنى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من رجل وامرأة فكل واحد منكم إنسان مولود من إنسانين لا تفترقون من هذه الجهة، والاختلاف الحاصل بالشعوب والقبائل - وهو اختلاف راجع إلى الجعل الإلهي - ليس لكرامة وفضيلة وإنما هو لان تتعارفوا فيتم بذلك اجتماعكم.
واعترض عليه بأن الآية مسوقة لنفي التفاخر بالأنساب وذمه كما يدل عليه قوله: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) وترتب هذا الغرض على هذا الوجه غير ظاهر، ويمكن أن يناقش فيه أن الاختلاف في الأنساب من مصاديق الاختلاف الطبقاتي وبناء هذا الوجه على كون الآية مسوقة لنفي مطلق الاختلاف الطبقاتي وكما يمكن نفي التفاخر بالأنساب وذمه استنادا إلى أن الأنساب تنتهي إلى آدم وحواء والناس جميعا مشتركون فيهما، كذلك يمكن نفيه وذمه استنادا إلى أن كل إنسان مولود من إنسانين والناس جميعا مشتركون في ذلك.

(1) في البحث الروائي الآتي.
(٣٢٦)
مفاتيح البحث: الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست