ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما) تفريع على قوله: (لقد رضي الله) الخ، والمراد بما في قلوبهم حسن النية وصدقها في مبايعتهم فإن العمل إنما يكون مرضيا عند الله لا بصورته وهيئته بل بصدق النية وإخلاصها.
فالمعنى: فعلم ما في قلوبهم من صدق النية وإخلاصها في مبايعتهم لك.
وقيل: المراد بما في قلوبهم الايمان وصحته وحب الدين والحرص عليه، وقيل:
الهم والأنفة من لين الجانب للمشركين وصلحهم. والسياق لا يساعد على شئ من هذين الوجهين كما لا يخفى.
فإن قلت: المراد بما في قلوبهم ليس مطلق ما فيها بل نيتهم الصادقة المخلصة في المبايعة كما ذكر، وعلمه تعالى بنيتهم الموصوفة بالصدق والاخلاص سبب يتفرع عليه رضاه تعالى عنهم لا مسبب متفرع على الرضا، ولازم ذلك تفريع الرضا على العلم بأن يقال: لقد علم ما في قلوبهم فرضي عنهم لا تفريع العلم على الرضا كما في الآية.
قلت: كما أن للمسبب تفرعا على السبب من حيث التحقق والوجود كذلك للسبب - سواء كان تاما أو ناقصا - تفرع على المسبب من حيث الانكشاف والظهور، والرضا كما تقدم صفة فعل له تعالى منتزع عن مجموع علمه تعالى بالعمل الصالح وما يثيب به ويجزي صاحب العمل، والذي انتزع عنه الرضا في المقام هو مجموع علمه تعالى بما في قلوبهم وإنزاله السكينة عليهم وإثابتهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها.
فقوله: (فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة) الخ، تفريع على قوله: (لقد رضي الله عن المؤمنين) للدلالة على حقيقة هذا الرضا والكشف عن مجموع الأمور التي بتحققها يتحقق معنى الرضا.
ثم قوله: (فأنزل السكينة عليهم) متفرع على قوله: (فعلم ما في قلوبهم) وكذا ما عطف عليه من قوله: (وأثابهم فتحا قريبا) الخ.
والمراد بالفتح القريب فتح خيبر على ما يفيده السياق وكذا المراد بمغانم كثيرة يأخذونها، غنائم خيبر، وقيل: المراد بالفتح القريب فتح مكة، والسياق لا يساعد عليه.
وقوله: (وكان الله عزيزا حكيما) أي غالبا فيما أراد متقنا لفعله غير مجازف فيه.