تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٧٩
قوله تعالى: (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين) تفصيل حال الناس يومئذ بحسب اختلافهم بالسعادة والشقاء والثواب والعقاب والسعداء المثابون هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، والأشقياء المعاقبون هم الذين كفروا من المستكبرين المجرمين.
والمراد بالرحمة الإفاضة الإلهية تسعد من استقر فيها ومنها الجنة، والفوز المبين الفلاح الظاهر، والباقي واضح.
قوله تعالى: (وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين) المراد بالذين كفروا المتلبسون بالكفر عن تكذيب وجحود بشهادة قوله: (أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم) الخ.
والفاء في (أفلم تكن) للتفريع فتدل على مقدر متفرع عليه هو جواب لما، والتقدير: فيقال لهم ألم تكن آياتي تتلى عليكم، والمراد بالآيات الحجج الإلهية الملقاة إليهم عن وحي ودعوة، والمجرم هو المتلبس بالاجرام وهو الذنب.
والمعنى: وأما الذين كفروا جاحدين للحق مع ظهوره فيقال لهم توبيخا وتقريعا:
ألم تكن حججي تقرأ وتبين لكم في الدنيا فاستكبرتم عن قبولها وكنتم قوما مذنبين.
قوله تعالى: (وإذا قيل أن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة) الخ، المراد بالوعد الموعود وهو ما وعده الله بلسان رسله من البعث والجزاء فيكون قوله: (والساعة لا ريب فيها) من عطف التفسير، ويمكن أن يراد بالوعد المعنى المصدري.
وقولهم: (ما ندري ما الساعة) معناه أنه غير مفهوم لهم والحال أنهم أهل فهم ودراية فهو كناية عن كونه أمرا غير معقول ولو كان معقولا لدروه.
وقوله: (إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين) أي ليست مما نقطع به ونجزم بل نظن ظنا لا يسعنا أن نعتمد عليه، ففي قولهم: (ما ندري ما الساعة) الخ، غب ما تليت عليهم من الآيات البينة أفحش المكابرة مع الحق.
قوله تعالى: (وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون) إضافة السيئات إلى ما عملوا بيانية أو بمعنى من، والمراد بما عملوا جنس ما عملوا أي
(١٧٩)
مفاتيح البحث: البعث، الإنبعاث (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست