الانعام: 23.
وقوله: " كذلك يضل الله الكافرين " أي إضلاله تعالى للكافرين وهم الساترون للحق يشبه هذا الضلال وهو أنهم يرون الباطل حقا فيقصدونه ثم يتبين لهم بعد ضلال سعيهم أنه لم يكن إلا باطلا في صورة حق وسرابا في سيماء الحقيقة.
والمعنى: على الوجه الثاني أعني كون قولهم: " بل لم نكن ندعو من قبل شيئا " كذبا منهم: كمثل هذا الاضلال يضل الله الكافرين فيؤل أمرهم إلى الكذب حيث لا ينفع مع علمهم بأنه لا ينفع.
وقد فسرت الجملة بتفاسير أخرى متقاربة وقريبة مما ذكرناه.
قوله تعالى: " ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون " الفرح مطلق السرور، والمرح الافراط فيه وهو مذموم، وقال الراغب: الفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة وأكثر ما يكون ذلك في اللذات البدنية، وقال: المرح شدة الفرح والتوسع فيه. انتهى.
وقوله: " ذلكم بما كنتم " الإشارة إلى ما هم فيه من العذاب والباء في " بما كنتم " للسببية أو المقابلة.
والمعنى: ذلكم العذاب الذي أنتم فيه بسبب كونكم تفرحون في الأرض بغير الحق من اللذات العاجلة وبسبب كونكم تفرطون في الفرح وذلك لتعلق قلوبهم بعرض الدنيا وزينتها ومعاداتهم لكل حق يخالف باطلهم فيفرحون ويمرحون بإحياء باطلهم وإماتة الحق واضطهاده.
قال في المجمع: قيد الفرح وأطلق المرح لان الفرح قد يكون بحق فيحمد عليه وقد يكون بالباطل فيذم عليه، والمرح لا يكون إلا باطلا. انتهى.
قوله تعالى: " ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين " أي ادخلوا أبوابها المقسومة لكم خالدين فيها فبئس مقام الذين يتكبرون عن الحق جهنم، وقد تقدم أن أبواب جهنم دركاتها.
قوله تعالى: " فاصبر إن وعد الله حق " لما بين مآل أمر المجادلين في آيات الله