وقال: السحب جر الشئ على الأرض. هذا أصله، وقال: السجر أصله إلقاء الحطب في معظم النار كالتنور الذي يسجر بالوقود. انتهى.
وقوله: " إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل " ظرف لقوله: " فسوف يعلمون " قيل: الاتيان بإذ - وهو للماضي - للدلالة على تحقق الوقوع وإن كان موقعه المستقبل فلا تنافي، في الجمع بين سوف وإذ.
و " الأغلال في أعناقهم " مبتدء وخبر، و " السلاسل " معطوف على الأغلال، و " يسحبون في الحميم " خبر بعد خبر، و " في النار يسجرون " معطوف على " يسحبون ".
والمعنى: سوف يعلمون حقيقة عملهم حين تكون الأغلال والسلاسل في أعناقهم يجرون في الماء الحار الشديد الحرارة ثم يقذفون في النار.
وقيل: معنى قوله: " ثم في النار يسجرون " ثم يصيرون وقود النار، ويؤيده قوله تعالى في صفة جهنم: " وقودها الناس والحجارة " البقرة: 24، وقوله: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " الأنبياء: 98.
قوله تعالى: " ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا " إلى آخر الآية. أي قيل لهم وهم يتقلبون بين السحب والسجر: أين ما كنتم تشركون من شركائكم من دون الله حتى ينصروكم بالانجاء من هذا العذاب أو يشفعوا لكم كما كنتم تزعمون أنهم سيشفعون لكم قبال عبادتكم لهم؟.
وقوله: " قالوا ضلوا عنا " أي غابوا عنا من قولهم: ضلت الدابة إذا غابت فلم يعرف مكانها، وهذا جوابهم عما قيل لهم: أين ما كنتم تشركون من دون الله.
وقوله: " بل لم نكن ندعو من قبل شيئا " إضراب منهم عن الجواب الأول لما يظهر لهم أن الالهة الذين كانوا يزعمونهم شركاء لم يكونوا إلى أسماء لا مسميات لها ومفاهيم لا يطابقها شئ ولم يكن عبادتهم لها إلا سدى، ولذلك نفوا أن يكونوا يعبدون شيئا قال تعالى: " فزيلنا بينهم " يونس: 28 وقال: " لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون " الانعام: 94.
وقيل: هذا من كذبهم يوم القيامة على حد قوله: " والله ربنا ما كنا مشركين "