وقوله: " يطاف عليهم بكأس من معين " الكأس إناء الشراب ونقل عن كثير من اللغويين أن إناء الشراب لا يسمى كأسا إلا وفيه الشراب فإن خلا منه فهو قدح و المعين من الشراب الظاهر منه من عان الماء إذا ظهر وجرى على وجه الأرض، و المراد بكون الكأس من معين صفاء الشراب فيها ولذا عقبه بقوله: " بيضاء ".
وقوله: " بيضاء لذة للشاربين " أي صافية في بياضها لذيذة للشاربين فاللذة مصدر أريد به الوصف مبالغة أو هي مؤنث لذ بمعنى لذيذ كما قيل.
وقوله: " لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون " الغول الاضرار والافساد، قال الراغب: الغول إهلاك الشئ من حيث لا يحس به انتهى. فنفي الغول عن الخمر نفي مضارها والانزاف فسر بالسكر المذهب للعقل وأصله إذهاب الشئ تدريجا.
ومحصل المعنى: أنه ليس فيها مضار الخمر التي في الدنيا ولا اسكارها بإذهاب العقل.
وقوله: " وعندهم قاصرات الطرف عين " وصف للحور التي يرزقونها وقصور طرفهن كناية عن نظرهن نظرة الغنج والدلال ويؤيده ذكر العين بعده وهو جمع عيناء مؤنث أعين وهي الواسعة العين في جمال.
وقيل: المراد بقاصرات الطرف أنهن قصرن طرفهن على أزواجهن لا يردن غيرهم لحبهن لهم، وبالعين أن أعينهن شديدة في سوادها شديدة في بياضها.
وقوله: " كأنهن بيض مكنون " البيض معروف وهو اسم جنس واحدته بيضة والمكنون هو المستور بالادخار قيل: المراد تشبيههن بالبيض الذي كنه الريش في العش أو غيره في غيره فلم تمسه الأيدي ولم يصبه الغبار، وقيل: المراد تشبيههن ببطن البيض قبل أن يقشر وقبل أن تمسه الأيدي.
قوله تعالى: " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون - إلى قوله - فليعمل العاملون " حكاية محادثة تقع بين أهل الجنة فيسأل بعضهم عن أحوال بعض ويحدث بعضهم بما جرى عليه في الدنيا وتنتهي المحادثة إلى تكليمهم بعض أهل النار وهو في سواء الجحيم.
فقوله: " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " ضمير الجمع لأهل الجنة من عباد الله