تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٥٠
الأجيال الأولى فاقتضت الحكمة تجديد الدعوة والانذار حال كون الكتاب حججا بينة يبصر بها الناس المعارف الحقة وهدى يهتدون به إليها ورحمة يرحمون بسبب العمل بشرائعه وأحكامه لعلهم يتذكرون فيفقهون ما يجب عليهم من الاعتقاد والعمل.
قوله تعالى: (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين) الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والغربي صفة محذوفة الموصوف والمراد جانب الوادي الغربي أو جانب الجبل الغربي.
وقوله: (إذ قضينا إلى موسى الامر) كأن القضاء مضمن معنى العهد، والمراد بعهد الامر إليه - على ما قيل - احكام أمر نبوته بانزال التوراة إليه وأما العهد إليه بأصل الرسالة فيدل عليه قوله بعد: (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا) وقوله:
(وما كنت من الشاهدين) تأكيد لسابقه.
والمعنى: وما كنت حاضرا وشاهدا حين أنزلنا التوراة على موسى في الجانب الغربي من الوادي أو الجبل.
قوله تعالى: (ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر) تطاول العمر تمادى الأمد والجملة استدراك عن النفي في قوله: (وما كنت بجانب الغربي)، والمعنى:
ما كنت حاضرا هناك شاهدا لما جرى فيه ولكنا أوجدنا أجيالا بعده فتمادى بهم الأمد ثم أنزلنا عليك قصته وخبر نزول الكتاب عليه ففي الكلام ايجاز بالحذف لدلالة المقام عليه.
قوله تعالى: (وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلوا عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين) الثاوي المقيم يقال: ثوى في المكان إذا أقام فيه، والضمير في (عليهم) لمشركي مكة الذين كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتلو عليهم آيات الله التي تقص ما جرى على موسى عليه السلام في مدين زمن كونه فيه.
وقوله: (ولكنا كنا مرسلين) استدراك من النفي في صدر الآية.
والمعنى: وما كنت مقيما في أهل مدين - وهم شعيب وقومه - مشاهدا لما جرى على موسى هناك تتلو على المشركين آياتنا القاصة لخبره هناك ولكنا كنا مرسلين لك إلى قومك موحين بهذه الآيات إليك لتتلوها عليهم.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست