رغدا فكفروا بالنعمة وأعرضوا عن الشكر فأرسل عليهم سيل العرم وبدل جنتيهم جنتين دون ذلك وقد كان عمر بلادهم فكفروا فجعلهم أحاديث ومزقهم كل ممزق، كل ذلك لكفرهم النعمة واعراضهم عن الشكر ولا يجازى الا الكفور.
وجه اتصال القصص على ما تقدم من حديث البعث أن الله هو المدبر لأمور عباده وهم مغمورون في أنواع نعمه وللمنعم على المنعم عليه الشكر على نعمته وعليه ان يميز بين الشاكر لنعمته والكافر بها وإذ لا ميز في هذه النشأة فهناك نشأة أخرى يتميز فيها الفريقان فالبعث لا مفر عنه.
قوله تعالى: (ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد) الفضل العطية والتأويب الترجيع من الأوب بمعنى الرجوع والمراد به ترجيع الصوت بالتسبيح بدليل قوله فيه في موضع آخر: (انا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق والطير محشورة كل له أواب) صلى الله عليه وآله وسلم: 19.
والطير معطوف على محل الجبال ومنه يظهر فساد قول بعضهم: أن الأوب بمعنى السير وأن الجبال كانت تسير معه حيثما سار.
وقوله: (يا جبال أوبي معه والطير) بيان للفضل الذي أوتى داود وقد وضع فيه الخطاب الذي خوطبت به الجبال والطير فسخرتا به موضع نفس التسخير الذي هو العطية وهو من قبيل وضع السبب موضع المسبب والمعنى: سخرنا الجبال له تؤوب معه والطير، وهذا هو المتحصل من تسخير الجبال والطير له كما يشير إليه قوله: (انا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق والطير محشورة كل له أواب) صلى الله عليه وآله وسلم: 19.
وقوله: (وألنا له الحديد) أي وجعلناه لينا له على ما به من الصلابة.
قوله تعالى: (أن أعمل سابغات وقدر في السرد) الخ، السابغات جمع سابغة وهي الدرع الواسعة، والسرد نسج الدرع، وتقديره الاقتصاد فيه بحيث تتناسب حلقه أي اعمل دروعا واسعة واجعلها متناسبة الحلق، وجملة (أن اعمل) الخ، نوع تفسير لإلانة الحديد له.
وقوله: (واعملوا صالحا انى بما تعملون بصير) معنى الجملة في نفسها ظاهر وهي لوقوعها في سياق بيان إيتاء الفضل وعد النعم تفيد معنى الامر بالشكر كأنه قيل: