تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٦٤
(فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) الخرور السقوط على الأرض.
ويستفاد من السياق أنه عليه السلام لما قبض كان متكئا على عصاه فبقى على تلك الحال قائما متكئا على عصاه زمانا لا يعلم بموته انس ولا جن فبعث الله عز وجل أرضه فأخذت في أكل منسأته حتى إذا أكلت انكسرت العصا وسقط سليمان على الأرض فعلموا عند ذلك بموته وتبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا بموت سليمان المستور عنهم وما لبثوا هذا المقدار من الزمان - وهو من حين قبضه إلى خروره - في العذاب المهين المذل لهم.
قوله تعالى: (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال) الخ، سبأ العرب العاربة باليمن سموا - كما قيل - باسم أبيهم سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقوله: (عن يمين وشمال) أي عن يمين مسكنهم وشماله.
وقوله: (كلوا من رزق ربكم) أمر بالاكل من جنتين وهو كناية عن رزقهم منهما، ثم بالشكر له على نعمته ورزقه، وقوله: (بلدة طيبة ورب غفور) أي بلدة ملائمة صالحة للمقام ورب كثير الغفران لا يؤاخذكم بسيئاتكم.
قوله تعالى: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل) العرم المسناة التي تحبس الماء، وقيل:
المطر الشديد وقيل غير ذلك، والاكل بضمتين كل ثمرة مأكولة، والخمط - على ما قيل - كل نبت أخذ طعما من المرارة، والأثل الطرفاء وقيل: شجر يشبهها أعظم منها لا ثمرة له، والسدر معروف، والأثل وشئ معطوفان على (أكل) لا على خمط.
والمعنى: فأعرضوا أي قوم سبأ عن الشكر الذي أمروا به فجازيناهم وأرسلنا عليهم سيل العرم فأغرق بلادهم وذهب بجنتيهم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي ثمرة مرة وذواتي طرفاء وشئ قليل من السدر.
قوله تعالى: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي الا الكفور) (ذلك) إشارة إلى ما ذكر من ارسال السيل وتبديل الجنتين ومحله النصب مفعولا ثانيا لجزيناهم والفرق بين الجزاء والمجازاة - كما قيل أن المجازاة لا تستعمل الا في الشر والجزاء أعم.
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست