تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٥٨
قوله تعالى: (ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم) اللام في (ليجزى) للتعليل وهو متعلق بقوله: (لتأتينكم) وفى قوله: (لهم مغفرة ورزق كريم) نوع محاذاة لقوله السابق: (وهو الرحيم الغفور).
وفى الآية بيان أحد السببين لقيام الساعة وهو أن يجزى الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالمغفرة والرزق الكريم وهو الجنة بما فيها والسبب الأخير ما يشير إليه قوله:
(والذين سعوا في آياتنا معاجزين) الخ.
قوله تعالى: (والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم) السعي الجد في المشي والمعاجزة المبالغة في الاعجاز وقيل: المسابقة والكلام مبنى على الاستعارة بالكناية كأن الآيات مسافة يسيرون فيها سيرا حثيثا ليعجزوا الله ويسبقوه والرجز كالرجس القذر ولعل المراد به العمل السيئ فيكون إشارة إلى تبدل العمل عذابا أليما عليهم أو سببا لعذابهم، وقيل: الرجز هو سيئ العذاب.
وفى الآية تعريض للكفار الذين يصرون على انكار البعث.
قوله تعالى: (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق) الموصول الأول فاعل يرى والموصول الثاني مفعوله الأول والحق مفعوله الثاني والمراد بالذين أوتوا العلم العلماء بالله وبآياته، وبالذي أنزل إليه القرآن النازل إليه صلى الله عليه وآله وسلم.
وجملة (ويرى) الخ، استئناف متعرض لقوله السابق: (وقال الذين كفروا) أو حال من فاعل كفروا، والمعنى: أولئك يقولون: لا تأتينا الساعة وينكرونه جهلا، والعلماء بالله وآياته يرون أن هذا القرآن النازل إليك المخبر بأن الساعة آتية هو الحق.
وقوله: (ويهدى إلى صراط العزيز الحميد) معطوف على الحق أي ويرون القرآن يهدى إلى صراط من هو عزيز لا يغلب على ما يريد محمود يثنى على جميع أفعاله لأنه لا يفعل مع عزته الا الجميل وهو الله سبحانه، وفى التوصيف بالعزيز الحميد مقابلة لما وصفهم به في قوله: (الذين سعوا في آياتنا معاجزين).
قوله تعالى: (وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست