تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٢٣
ليرتفع بذلك الحرج عن المؤمنين في التزوج بأزواج الأدعياء وهو صلى الله عليه وآله وسلم كان يخفيه في نفسه إلى حين مخافة سوء أثره في الناس فأمنه الله ذلك بعتابه عليه نظير ما تقدم في قوله تعالى: (يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك - إلى قوله - والله يعصمك من الناس) الآية.
فظاهر العتاب الذي يلوح من قوله: (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) مسوق لانتصاره وتأييد أمره قبال طعن الطاعنين ممن في قلوبهم مرض نظير ما تقدم في قوله:
(عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين) التوبة: 43.
ومن الدليل على أنه انتصار وتأييد في صورة العتاب قوله بعد: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) حيث أخبر عن تزويجه إياها كأنه أمر خارج عن إرادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واختياره ثم قوله: (وكان أمر الله مفعولا).
فقوله: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) متفرع على ما تقدم من قوله:
وتخفى في نفسك ما الله مبديه) وقضاء الوطر منها كناية عن الدخول والتمتع، وقوله:
(لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم لما قضوا منهن وطرا) تعليل للتزويج ومصلحة للحكم، وقوله: (وكان أمر الله مفعولا) مشير إلى تحقق الوقوع وتأكيد للحكم.
ومن ذلك يظهر أن الذي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخفيه في نفسه هو ما فرض الله له أن يتزوجها لا هواها وحبه الشديد لها وهي بعد مزوجة كما ذكره جمع من المفسرين واعتذروا عنه بأنها حالة جبلية لا يكاد يسلم منها البشر، فان فيه أولا: منع أن يكون بحيث لا يقوى عليه التربية الإلهية، وثانيا: أنه لا معنى حينئذ للعتاب على كتمانه واخفائه في نفسه فلا مجوز في الاسلام لذكر حلائل الناس والتشبب بهن.
قوله تعالى: (ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له) الخ، الفرض هو التعيين والاسهام يقال: فرض له كذا أي عينه له وأسهمه به، وقيل: هو في المقام بمعنى الإباحة والتجويز، والحرج الكلفة والضيق، والمراد بنفي الحرج نفى سببه وهو المنع عما فرض له.
والمعنى: ما كان على النبي من منع فيما عين الله له أو أباح الله له حتى يكون عليه حرج في ذلك.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست