تزوجه بزوج أحدهم بعده تزوجا بزوج ابنه فالخطاب في قوله: (من رجالكم) للناس الموجودين في زمن نزول الآية، والمراد بالرجال ما يقابل النساء والولدان ونفى الأبوة نفى تكويني لا تشريعي ولا تتضمن الجملة شيئا من التشريع.
والمعنى: ليس محمد صلى الله عليه وآله وسلم أبا أحد من هؤلاء الرجال الذين هم رجالكم حتى يكون تزوجه بزوج أحدهم بعده تزوجا منه بزوج ابنه وزيد أحد هؤلاء الرجال فتزوجه بعد تطليقه ليس تزوجا بزوج الابن حقيقة وأما تبنيه زيدا فإنه لا يترتب عليه شئ من آثار الأبوة والبنوة وما جعل أدعياءكم أبناءكم.
وأما القاسم والطيب والطاهر (1) وإبراهيم فإنهم أبناؤه حقيقة لكنهم ماتوا قبل أن يبلغوا فلم يكونوا رجالا حتى ينتقض الآية وكذا الحسن والحسين وهما ابنا رسول الله فان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبض قبل أن يبلغا حد الرجال.
ومما تقدم ظهر أن الآية لا تقتضي نفى أبوته صلى الله عليه وآله وسلم للقاسم والطيب والطاهر وإبراهيم وكذا للحسنين لما عرفت أنها خاصة بالرجال الموجودين في زمن النزول على نعت الرجولية.
وقوله: (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) الخاتم بفتح التاء ما يختم به كالطابع والقالب بمعنى ما يطبع به وما يقلب به والمراد بكونه خاتم النبيين أن النبوة اختتمت به صلى الله عليه وآله وسلم فلا نبي بعده.
وقد عرفت فيما مر معنى الرسالة والنبوة وأن الرسول هو الذي يحمل رسالة من الله إلى الناس والنبي هو الذي يحمل نبأ الغيب الذي هو الدين وحقائقه ولازم ذلك أن يرتفع الرسالة بارتفاع النبوة فان الرسالة من أنباء الغيب، فإذا انقطعت هذه الانباء انقطعت الرسالة.
ومن هنا يظهر أن كونه صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين يستلزم كونه خاتما للرسل.
وفى الآية ايماء إلى أن ارتباطه صلى الله عليه وآله وسلم وتعلقه بكم تعلق الرسالة والنبوة وأن ما فعله كان بأمر من الله سبحانه.
وقوله: (وكان الله بكل شئ عليما) أي ما بينه لكم انما كان بعلمه.