تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣١٢
النبي كما ينسب إلى عكرمة وعروة، فالآية لم تكن بحسب النزول جزء من آيات نساء النبي ولا متصلة بها وانما وضعت بينها اما بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عند التأليف بعد الرحلة، ويؤيده أن آية (وقرن في بيوتكن) على انسجامها واتصالها لو قدر ارتفاع آية التطهير من بين جملها، فموقع آية التطهير من آية (وقرن في بيوتكن) كموقع آية (اليوم يئس الذين كفروا) من آية محرمات الاكل من سورة المائدة، وقد تقدم الكلام في ذلك في الجزء الخامس من الكتاب.
وبالبناء على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما خاصا - في عرف القرآن - بهؤلاء الخمسة وهم النبي وعلى وفاطمة والحسنان عليهم الصلاة والسلام لا يطلق على غيرهم، ولو كان من أقربائه الأقربين وان صح بحسب العرف العام اطلاقه عليهم.
والرجس - بالكسر فالسكون - صفة من الرجاسة وهي القذارة، والقذارة هيئة في الشئ توجب التجنب والتنفر منها، وتكون بحسب ظاهر الشئ كرجاسة الخنزير، قال تعالى: (أو لحم الخنزير فإنه رجس) الانعام: 145، وبحسب باطنه - وهو الرجاسة والقذارة المعنوية - كالشرك والكفر وأثر العمل السيئ، قال تعالى:
(وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) التوبة:
125، وقال: (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) الانعام: 125.
وأيا ما كان فهو ادراك نفساني وأثر شعوري من تعلق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيئ واذهاب الرجس - واللام فيه للجنس - إزالة كل هيئة خبيثة في النفس تخطئ حق الاعتقاد والعمل فتنطبق على العصمة الإلهية التي هي صورة علمية نفسانية تحفظ الانسان من باطل الاعتقاد وسيئ العمل.
على أنك عرفت أن إرادة التقوى أو التشديد في التكاليف لا تلائم اختصاص الخطاب في الآية بأهل البيت، وعرفت أيضا أن إرادة ذلك لا تناسب مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم من العصمة.
فمن المتعين حمل اذهاب الرجس في الآية على العصمة ويكون المراد بالتطهير في قوله: (ويطهركم تطهيرا) - وقد أكد بالمصدر - إزالة أثر الرجس بايراد ما يقابله
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست