وأتى بحيي بن أخطب عدو الله عليه حلة فاختية قد شقها عليه من كل ناحية كموضع الأنملة لئلا يسلبها مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، فلما بصر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أما والله ما لمت نفسي على عداوتك ولكنه من يخذل الله يخذل ثم قال: يا أيها الناس انه لا بأس بأمر الله كتاب الله وقدره ملحمة كتبت على بني إسرائيل ثم جلس فضرب عنقه.
ثم قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نساءهم وأبناءهم وأموالهم على المسلمين وبعث بسبايا منهم إلى نجد مع سعد بن زيد الأنصاري فابتاع بهم خيلا وسلاحا، قالوا: فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر جرح سعد بن معاذ فرجعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيمته التي ضربت عليه في المسجد.
وروى عن جابر بن عبد الله قال: جاء جبرائيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
من هذا العبد الصالح الذي مات فتحت له أبواب السماء وتحرك له العرش فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا سعد بن معاذ قد قبض.
أقول: وروى القصة القمي في تفسيره مفصلة وفيه: فاخرج كعب بن أسيد مجموعة يداه إلى عنقه فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: يا كعب أما نفعك وصية ابن الحواس الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام فقال: تركت الخمر والخمير وجئت إلى البؤس والتمور لنبي يبعث مخرجه بمكة ومهاجرته في هذه البحيرة يجتزى بالكسيرات والتميرات، ويركب الحمار العرى، في عينيه حمرة، وبين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه، لا يبالي من لاقى منكم، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر فقال قد كان ذلك يا محمد ولولا أن اليهود يعيروني أنى جزعت عند القتل لآمنت بك وصدقتك ولكني على دين اليهود عليه أحيا وعليه أموت. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
قدموه واضربوا عنقه فضربت.
وفيه أيضا: فقتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في البردين بالغداة والعشي في ثلاثة أيام وكان يقول: اسقوهم العذب وأطعموهم الطيب وأحسنوا أساراهم حتى قتلهم كلهم فأنزل الله عز وجل فيهم: (وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم - إلى قوله - وكان الله على كل شئ قديرا).