تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٦٥
قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل) المراد بالكتاب التوراة والمرية الشك والريب.
وقد اختلفوا في مرجع الضمير في قوله: (من لقائه) ومعنى الكلمة فقيل:
الضمير لموسى وهو مفعول اللقاء والتقدير فلا تكن في مرية من لقائك موسى وقد لقيه ليلة المعراج كما وردت به الروايات فان كانت السورة نازلة بعد المعراج فهو تذكرة لما قد وقع وان كانت نازلة قبله فهو وعد منه تعالى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سيراه.
وقيل: الضمير لموسى والمعنى: فلا تكن في مرية من لقائك موسى يوم القيامة.
وقيل: الضمير للكتاب والتقدير فلا تكن في مرية من لقاء موسى الكتاب.
وقيل: التقدير من لقائك الكتاب أو من لقاء الكتاب إياك.
وقيل: الضمير لما لقي موسى من الأذى من قومه والمعنى: فلا تكن في مرية من لقاء الأذى كما لقيه موسى من قومه وأنت خبير بأن الطبع السليم لا يقبل شيئا من هذه الوجوه - على أنها لا تفي لبيان وجه اتصال الآية بما قبلها.
ومن الممكن - والله أعلم - أن يرجع ضمير لقائه إليه تعالى والمراد بلقائه البعث بعناية أنه يوم يحضرون لربهم لا حجاب بينه وبينهم كما تقدم، وقد عبر عنه باللقاء قبل عدة آيات في قوله: (بل هم بلقاء ربهم كافرون)، ثم عبر عنه بما في معناه في قوله: (ناكسوا رؤوسهم عند ربهم).
فيكون المعنى: ولقد آتينا موسى الكتاب كما آتيناك القرآن فلا تكن في مرية من البعث الذي ينطق به القرآن بالشك في نفس القرآن وقد أيد نزول القرآن عليه صلى الله عليه وآله وسلم بنزول التوراة على موسى في مواضع من القرآن، ويؤيده قوله بعد: (وجعلناه هدى لبني إسرائيل وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) الخ.
ويمكن أن يكون المراد بلقائه الانقطاع التام إليه تعالى عند وحى القرآن أو بعضه كما في بعض الروايات، فيكون رجوعا إلى ما في صدر السورة من قوله: (تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين)، وذيل الآية أشد تأييدا لهذا الوجه من سابقه والله أعلم.
وقوله: (وجعلناه هدى لبني إسرائيل) أي هاديا فالمصدر بمعنى اسم الفاعل
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست