تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٧٦
علمهم آباءهم عدم معرفتهم بأعيانهم، والموالي هم الأولياء، والمعنى: وان لم تعرفوا آباءهم فلا تنسبوهم إلى غير آبائهم بل ادعوهم بالاخوة والولاية الدينية.
وقوله: (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) أي لا ذنب لكم في الذي أخطأتم به لسهو أو نسيان فدعوتموهم لغير آبائهم ولكن الذي تعمدته قلوبكم ذنب أو ولكن تعمد قلوبكم بذلك فيه الذنب.
وقوله: (وكان الله غفورا رحيما) راجع إلى ما أخطئ به.
قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) أنفس المؤمنين هم المؤمنون فمعنى كون النبي أولى بهم من أنفسهم أنه أولى بهم منهم: ومعنى الأولوية هو رجحان الجانب إذا دار الامر بينه وبين ما هو أولى منه فالمحصل أن ما يراه المؤمن لنفسه من الحفظ والكلاءة والمحبة والكرامة واستجابة الدعوة وانفاذ الإرادة فالنبي أولى بذلك من نفسه ولو دار الامر بين النبي وبين نفسه في شئ من ذلك كان جانب النبي أرجح من جانب نفسه.
ففيما إذا توجه شئ من المخاطر إلى نفس النبي فليقه المؤمن بنفسه ويفده نفسه وليكن النبي أحب إليه من نفسه وأكرم عنده من نفسه ولو دعته نفسه إلى شئ والنبي إلى خلافه أو أرادت نفسه منه شيئا وأراد النبي خلافه كان المتعين استجابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته وتقديمه على نفسه.
وكذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى بهم فيما يتعلق بالأمور الدنيوية أو الدينية كل ذلك لمكان الاطلاق في قوله: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم).
ومن هنا يظهر ضعف ما قيل: ان المراد أنه أولى بهم في الدعوة فإذا دعاهم إلى شئ ودعتهم أنفسهم إلى خلافه كان عليهم أن يطيعوه ويعصوا أنفسهم، فتكون الآية في معنى قوله: (وأطيعوا الرسول) النساء: 59، وقوله: (وما أرسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله) النساء: 64، وما أشبه ذلك من الآيات وهو مدفوع بالاطلاق.
وكذا ما قيل: ان المراد أن حكمه فيهم أنفذ من حكم بعضهم على بعض كما في قوله:
(فسلموا على أنفسكم) النور: 61، ويؤل إلى أن ولايته على المؤمنين فوق ولاية بعضهم على بعض المدلول عليه بقوله: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) براءة: 71.
وفيه أن السياق لا يساعد عليه.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست