وقال: الجرز الأرض اليابسة التي ليس فيها نبات لانقطاع الأمطار عنها. انتهى.
والزرع مصدر في الأصل والمراد به هنا المزروع.
والآية تذكر آية أخرى من آيات الله سبحانه تدل على حسن تدبيره للأشياء وخاصة ذوي الحياة منها كالانعام والانسان، والمراد بسوق الماء إلى الأرض الخالية من النبات سوق السحب الحاملة للأمطار إليها، ففي نزول ماء المطر منها حياة الأرض وخروج الزرع واغتذاء الانسان والانعام التي يسخرها ويربيها لمقاصد حياته.
وقوله: (أفلا يبصرون) تنبيه وتوبيخ وتخصيص هذه الآية بالابصار، والآية السابقة بالسمع لما أن العلم باهلاك الأمم الماضين انما هو بالاخبار التي تنال من طريق السمع وأما العلم بسوق الأمطار إلى الأرض الجرز واخراج الزرع واغتذاء الانعام والانسان فالطريق إليه حاسة البصر.
قوله تعالى: (ويقولون متى هذا الفتح - إلى قوله - ولا هم ينظرون) قال الراغب: الفتح إزالة الاغلاق والاشكال - إلى أن قال - وفتح القضية فتاحا فصل الامر فيها وأزال الاغلاق عنها، قال: (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين). انتهى.
وقد تقدم في الآيات السابقة مما يصدق عليه الفتح بمعنى الفصل أمران: أحدهما فصل بينهم يوم القيامة، والاخر إذاقة العذاب الأدنى أو الانتقام منهم في الدنيا ولذا فسر الفتح بعضهم بيوم القيامة فيكون معنى قولهم: متى هذا الفتح ان كنتم صادقين هو معنى قولهم المحكى كرارا في كلامه تعالى: (متى هذا الوعد ان كنتم صادقين).
وفسره بعضهم بيوم بدر فإنه لم ينفع الذين قتلوا من المشركين ايمانهم بعد القتل.
وذكر بعضهم أن المراد به فتح مكة ولا يلائمه الجواب المذكور في قوله: (قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا ايمانهم ولا هم ينظرون) الا أن يقول قائل: ان ايمانهم يومئذ - وقد عاندوا الحق وقاتلوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنين وجاهدوا في اطفاء نور الله - لم يكن ايمانا الا نفاقا من غير أن يدخل في قلوبهم وينتفع به نفوسهم وقد ألزموا بالايمان ولم ينظروا.
ويمكن أن يكون المراد هو القضاء بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين الأمة ويكون ذلك في