تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٦٣
قوله تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون) هذا معرفهم من حيث أعمالهم كما أن ما في الآية السابقة كان معرفهم من حيث أوصافهم.
فقوله: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) التجافي التنحي والجنوب جمع جنب وهو الشق، والمضاجع جمع مضجع وهو الفراش وموضع النوم، والتجافي عن المضاجع كناية عن ترك النوم.
وقوله: (يدعون ربهم خوفا وطمعا) حال من ضمير جنوبهم والمراد اشتغالهم بدعاء ربهم في جوف الليل حين تنام العيون وتسكن الأنفاس لا خوفا من سخطه تعالى فقط حتى يغشيهم اليأس من رحمة الله ولا طمعا في ثوابه فقط حتى يأمنوا غضبه ومكره بل يدعونه خوفا وطمعا فيؤثرون في دعائهم أدب العبودية على ما يبعثهم إليه الهدى وهذا التجافي والدعاء ينطبق على النوافل الليلية.
وقوله: (ومما رزقناهم ينفقون) عمل آخر لهم وهو الانفاق لله وفى سبيله.
قوله تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) تفريع لما لهم من الأوصاف والأعمال يصف ما أعد الله لهم من الثواب.
ووقوع نفس وهي نكرة في سياق النفي يفيد العموم، وإضافة قرة إلى أعين لا أعينهم تفيد أن فيما أخفى لهم قرة عين كل ذي عين.
والمعنى: فلا تعلم نفس من النفوس - أي هو فوق علمهم وتصورهم - ما أخفاه الله لهم مما تقر به عين كل ذي عين جزاء في قبال ما كانوا يعملون في الدنيا.
قوله تعالى: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون) الايمان سكون علمي خاص من النفس بالشئ ولازمه الالتزام العملي بما آمن به والفسق هو الخروج عن الالتزام المذكور من فسقت التمرة إذا خرجت عن قشرها ومآل معناه الخروج عن زي العبودية.
والاستفهام في الآية للانكار، وقوله: (لا يستون) نفى لاستواء الفريقين تأكيدا لما يفيده الانكار السابق.
قوله تعالى: (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا
(٢٦٣)
مفاتيح البحث: الإخفاء (2)، اليأس (1)، النوم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست