أو بمعناه المصدري مبالغة.
قوله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) أي وجعلنا من بني إسرائيل أئمة يهدون الناس بأمرنا وانما نصبناهم أئمة هداة للناس حين صبروا في الدين وكانوا قبل ذلك موقنين بآياتنا.
وقد تقدم البحث عن معنى الإمامة وهداية الامام بأمر الله في تفسير قوله:
(قال انى جاعلك للناس إماما) البقرة: 124، وقوله: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) الأنبياء: 73، وغير ذلك من الموارد المناسبة.
وقد تضمنت هاتان الآيتان من الرحمة المنبسطة بالتوراة أنها هدى في نفسه يهدى من اتبعه إلى الحق، وأنها أنشأت في حجر تربيتها أناسا اجتباهم الله للإمامة فصاروا يهدون بأمره فهي مباركة للعمل بها ومباركة بعد العمل.
قوله تعالى: (ان ربك يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) يريد اختلافهم في الدين وانما كان ذلك بغيا بينهم كما يذكره في مواضع من كلامه كقوله:
(ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب - إلى أن قال - فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ان ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) الجاثية: 17.
فالمراد بقوله: (يفصل بينهم) القضاء الفاصل بين الحق والباطل والمحق والمبطل والباقي ظاهر.
قوله تعالى: (أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم) الخ، العطف على محذوف كأنه قيل: ألم يبين لهم كذا وكذا، أو لم يهد لهم الخ، والهداية بمعنى التبيين أو هو مضمن معنى التبيين ولذا عدى باللام.
وقوله: (كم أهلكنا من قبلهم من القرون) مشير إلى الفاعل قائم مقامه، والمعنى:
أو لم يبين لهم كثرة من أهلكنا من القرون والحال أنهم يمشون في مساكنهم.
وقوله: (ان في ذلك لايات أفلا يسمعون) المراد بالسمع سمع المواعظ المؤدى إلى طاعة الحق وقبوله.
قوله تعالى: (أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم) الخ، قال في المجمع: السوق الحث على السير من ساقه يسوقه،