تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٦٤
يعملون) المأوى المكان الذي يأوى إليه ويسكن فيه الانسان، والنزل بضمتين كل ما يعد للنازل في بيت من الطعام والشراب، ثم عمم كما قيل لكل عطية، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: (وأما الذين فسقوا فمأواهم النار) إلى آخر الآية، كون النار مأواهم لازمه خلودهم فيها ولذلك عقبه بقوله: (كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها)، وقوله: (وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون) دليل على أن المراد بالذين فسقوا هم منكروا المعاد وخطابهم وهم في النار بهذا الخطاب شماتة بهم وكثيرا ما كانوا يشمتون في الدنيا بالمؤمنين لقولهم بالمعاد.
قوله تعالى: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون) لما كان غاية إذاقتهم العذاب رجوعهم المرجو والرجوع المرجو هو الرجوع إلى الله بالتوبة والإنابة كان المراد بالعذاب الأدنى هو عذاب الدنيا النازل بهم للتخويف والانذار ليتوبوا دون عذاب الاستئصال ودون العذاب الذي بعد الموت وحينئذ المراد بالعذاب الأكبر عذاب يوم القيامة.
والمعنى: أقسم لنذيقنهم من العذاب الأدنى أي الأقرب مثل السنين والأمراض والقتل ونحو ذلك قبل العذاب الأكبر يوم القيامة لعلهم يرجعون إلينا بالتوبة من شركهم وجحودهم.
قيل: سمى عذاب الدنيا أدنى ولم يقل: الأصغر، حتى يقابل الأكبر لان المقام مقام الانذار والتخويف ولا يناسبه عد العذاب أصغر، وكذا لم يقل دون العذاب الابعد حتى يقابل العذاب الأدنى لعدم ملاءمته مقام التخويف.
قوله تعالى: (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها انا من المجرمين منتقمون) كأنه في مقام التعليل لما تقدم من عذابهم بالعذاب الأكبر بما أنهم مكذبون فعلله بأنهم ظالمون أشد الظلم بالاعراض عن الآيات بعد التذكرة فيكونون مجرمين والله منتقم منهم.
فقوله: (ومن أظلم) الخ تعليل لعذابهم بأنهم ظالمون أشد الظلم ثم قوله: (انا من المجرمين منتقمون)، تعليل لعذاب الظالمين بأنهم مجرمون والعذاب انتقام منهم، والله منتقم من المجرمين.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست