تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٢٤
هلكت فبذنوبك.
يا بنى: ان تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ومن عنى بالأدب اهتم به، ومن اهتم به تكلف علمه ومن تكلف علمه اشتد له طلبه ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته فاتخذه عادة فإنك تخلف في سلفك وينتفع به من خلفك ويرتجيك فيه راغب ويخشى صولتك راهب، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره فان غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة وإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا في طلب العلم فإنك لن تجد له تضييعا أشد من تركه ولا تمارين فيه لجوجا ولا تجادلن فقيها ولا تعادين سلطانا، ولا تماشين ظلوما ولا تصادقنه ولا تواخين فاسقا ولا تصاحبن متهما واخزن علمك كما تخزن ورقك.
يا بنى: خف الله عز وجل خوفا لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك وارج الله رجاء لو وافيت القيامة باثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك.
فقال له ابنه: يا أبت كيف أطيق هذا وانما لي قلب واحد؟ فقال له لقمان:
يا بنى: لو استخرج قلب المؤمن يوجد فيه نوران نور للخوف ونور للرجاء لو وزنا لما رجح أحدهما على الاخر بمثقال ذرة فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله عز وجل ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله فان هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض فمن يؤمن بالله ايمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا ومن يعمل لله خالصا ناصحا فقد آمن بالله صادقا ومن أطاع الله خافه، ومن خافه فقد أحبه، ومن أحبه فقد اتبع أمره ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه نعوذ بالله من سخط الله.
يا بنى: لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثواب المطيعين ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.
وفى قرب الاسناد: هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيه ع قيل للقمان:
ما الذي أجمعت عليه من حكمتك؟ قال: لا أتكلف ما قد كفيته ولا أضيع ما وليته.
وفى البحار عن قصص الأنبياء باسناده عن جابر عن أبي جعفر ع قال: كان
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست