تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٠٢
القطر من المطر والخلال جمع خلة وهي الفرجة.
والمعنى: الله الذي يرسل الرياح فتحرك وتنشر سحابا ويبسط ذلك السحاب في جهة العلو من الجو كيف يشاء سبحانه ويجعله قطعات متراكبة متراكمة فترى قطر المطر يخرج من فرجه فإذا أصاب بذلك المطر من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون لأنه مادة حياتهم وحياة الحيوان والنبات.
قوله تعالى: (وان كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين) الابلاس:
اليأس والقنوط.
وضمير (ينزل) للمطر وكذا ضمير (من قبله) على ما قيل، وعليه يكون (من قبله) تأكيدا لقوله: (من قبل أن ينزل عليهم) وفائدة التأكيد - على ما قيل - الاعلام بسرعة تقلب قلوب البشر من اليأس إلى الاستبشار، وذلك أن قوله: (من قبل أن ينزل عليهم) يحتمل الفسحة في الزمان فجاء (من قبله) للدلالة على الاتصال ودفع ذلك الاحتمال.
وفى الكشاف أن قوله: (من قبله) من باب التكرير والتوكيد كقوله تعالى:
(فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها) ومعنى التوكيد فيه الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد فاستحكم يأسهم وتمادى ابلاسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك. انتهى.
وربما قيل: ان ضمير (من قبله) لارسال الرياح، والمعنى: وان كانوا من قبل أن ينزل عليهم المطر من قبل ارسال الرياح لآئسين قانطين.
قوله تعالى: (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها ان ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شئ قدير) الآثار جمع الأثر وهو ما يبقى بعد الشئ فيدل عليه كأثر القدم وأثر البناء واستعير لكل ما يتفرع على شئ، والمراد برحمة الله المطر النازل من السحاب الذي بسطته الرياح، وآثارها ما يترتب على نزول المطر من النبات والأشجار والأثمار وهي بعينها آثار حياة الأرض بعد موتها.
ولذا قال: (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها) فجعل آثار الرحمة التي هي المطر كيفية احياء الأرض بعد موتها، فحياة الأرض بعد موتها
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست